تاريخ وتراث

خواطر تاريخية ح3 غزوة مؤتة

من المعارك العسكرية اللافتة ”غزوة مؤتة” ، وقد أخذت أقلب النظر في هدف هذه الغزوة ، في التوقيت الذي وقعت فيه ، فقد جرت أحداثها بين المسلمين والروم وحلفائهم من العرب قبل فتح مكة وإخضاع الطائف. والتفكير البديهي أن ينشط المسلمون عسكرياً بعيداً عن محيط نفوذ الروم وفارس ، وهما الدولتان الكبريان آنذاك.

وهداني اجتهادي إلى أنها كانت لحماية مصلحة الهيبة والسمعة ، ولم يكن هدفها استراتيجياً ، وأن القواد الذين تتابعوا على إمارة المسلمين في هذه الغزوة فهموا ذلك حق الفهم.

قبل إرسال الجيش إلى مؤتة في العام الثامن للهجرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من المسلمين رسولاً لملك ”بصرى” لكن شرحبيل الغساني عامل الروم على ”البلقاء” قبض عليه وقتله! وهو عمل يضر هيبة وسمعة الدولة الإسلامية الناشئة ؛ فكأنها رسالة استخفاف ؛ فلم يعهد قتل الرسل بين الكيانات المحترمة.

هذا استدعى إجراء عسكرياً ما لحماية الهيبة والسمعة ، والنتائج على الأرض ليست بأهمية فكرة الخروج.

الجنود العاديون في جيش المسلمين حركتهم كما اعتادوا فكرة الجهاد والتضحية ، وليس أفضل من هذه الفرصة لنيل الشهادة، وتقدم قادتهم حتى قتلوا مقبلين غير مدبرين ، وكانوا على رأس ثلاثة آلاف مقاتل في مواجهة مائتي ألف من الروم وحلفائهم من نصارى العرب. .

واصطلح الجيش على تولية خالد بن الوليد ، وسار في يوم قتاله الأول سيرة من سبقه من القادة ، وكل هذا كان كافياً لإثبات الهدف من الغزوة. والاستمرار في المعركة سيخرج بها لأهداف أخرى لما يأت ميعادها. .

اتخذ خالد قراره بالانسحاب ، ونفذه بما لا يخل بهدف الغزوة الأساس ، فلم يكن تراجعه فوضوياً ، بل منظماً محترفاً.

ووصلت هيبة الجيش المسلم إلى الذروة بعزوف الجانب الآخر عن تتبعه ، رغم الفارق الهائل في العدد والعدة !

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى