أدبنثر

يا صديقي

رَافَقْتَنِي يَا صَاحِ لِآلَافِ الْوَرَقِ، تَنْزِفُ لِي أَلَمِي وَفَرَحِي، بَوْحِي وَسَرِيرَتِي، نَصْرِي وَهَزِيْمَتِي، ومَا تَذَمَّرْتَ قَطُّ. لكِنِّي لَا تَلْزَمُنِي الْحَاجَةُ لِسَمَاعِ آهَتِكَ، لِأَعْلَمَ كَمْ عَانَيْتَ وتكتمُ عَنِّي كَيلا تعكِّرَ بهذا صَفوي.

لَكَمْ نَاصَرْتَنِي فِي مُعَانَاتِي، وكَمْ تَجَمَّدْتَ عَلَى أَدِيمِ صَفَحَاتِي، وَأَنْتَ الَّذِي فُطِرْتَ عَلَى السُّيُولَةِ، وَجُبِلْتَ عَلَى طَبْعِ النَّدَى. كِلَاكُمَا يَا صَاحِبِي قَدَّمَ جَسَدَهُ الرَّخْوَ لِلْأَصبَاحِ الْعَاشِقَةِ لِلنُّورِ، غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَوْطَنَ التُّرَابَ وَالْوَرْدَ وَالسَّنَابِلَ، يَسْتَنْسِخُ ذَاتَهُ فِي كُلِّ مَنْبَتِ فَجْر، وَاسْتَوْطَنْتَ سُهُوْلَ الدَّفَاتِرِ يَا صَدِيقِي، وَجُذُورَ ذَوَاكِرِ التَّارِيْخِ.

بَاقٍ أَنْتَ.. تَتَأَبَّى عَلَى الْهَرَمِ، عَصِيّا عَلَى الصَّدَأِ، غَنِيًّا عَنِ الْمَدَد .يَا صَاحَبًا لَا تَمَلُّهُ صُحْبَتِي. وَيَا مُسَافِرًا لَمْ يُغَادِرْ؛ وَيَا مُسْتَوْدَعَ أَمَانَاتِ رُوْحِي؛ عَلَيْكَ سَلَامُ الله يَا رَفِيقِي وَمَحَبَّتِي كُلَّمَا غَرَّدَ حَرْفٌ أَوْ بَكَتْ قَصِيْدَة، وَكُلَّمَا أَصَابَ نَاظِرٌ جَسَدَكَ الْمُلْتَهِبَ زُرْقَةً مَسْفُوحًا عَلَى الْوَرَق.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى