أدبشعر

عين الهوى

مَــــا زَالَ عِــطْـرُكِ يَـسْـتَـحِلُّ جـنَـانِـي

يَـــــا وَرْدَةً أَســـــرَتْ بــرِيــق حَــنَــانِ

بَــيْــضَـاءَ دُونَ الأُخْــرَيَــاتِ وَغَــضَّــةً

فِـــــي جَـــنَّــةٍ قُــزَحِـيَّـةِ الأَلْــــوَانِ

ظَـمِـئَتْ شِـفَـاهُ الـرُّوحِ بَـعْدَكِ وَارْتَـوَتْ

مِـــنْ مَـــاءِ نَــأْيِـكِ وَجْـنَـتِـي وَدِنَــانِـي

مَــا غِـبْـتُ عَـنْـكِ مُـذِ اتَّـخَذْتُكِ مَـوْئِلًا

لَــكِـنَّـمَـا الـــرُّؤْيَــا نَــــوَى وَتَــــدَانِ

أَمْـضِـي عَـلَـى حَـسَـكِ الـخَمَائِلِ ذَاهِـلًا

عَـــــنْ رَوعَـــــةِ الأَزْهَــــارِ وَالأَفْــنَــانِ

وَكَـتَبْتُ فِـي سِـفْرِ الْـخُلُودِ عَـلَى الـذُّرَى

أَنْ كُـــلُّ حُـــبٍّ غَــيْـر حُــبِّـكِ فَــانِ

لِـــمْ يُـغْـرِنِـي يَــوْمًـا تَـبَـتُّـلِ نَــرْجِـسٍ

أَوْ غَــرَّنِــي شَــغَـفٌ مِـــنَ الـرَّيْـحَـانِ

أَرْنُـــو إِلَــى الـمَـعْنَى الأَجَــلِّ وَأَرْتَـقِـي

لِـــبُــرُوجِ مَــجْــدٍ وَابْــتِــدَارِ أَمَــانِــي

وَأَصُـــدُّ عَــنْ هَــرجِ الـحَـيَاةِ بِـمَـنطِقٍ

يَــسْـمُـو عَــــنِ الأَهْـــوَاءِ وَالأَضْــغَـانِ

وَإِلَــى الـحَـقِيقَةِ خُـضْـتُ بَـحْرَ مَـعَارِفٍ

وَإِلَــى الـطُّمُوحِ سَـبَقْتُ عَـدْوَ حِـصَانِي

لا تَـعْـجَبِي يَــا مَــنْ بِـهَا قَـدْ عُـدْتُ لِـي

مِــنْ بَـعْـدِ أَنْ جَـهِـلَ الـمَـدَى بِـمَكَانِي

مِــنْ بَـعْـدِ أَنْ خَــرَّتْ جِـبَـالُ بَـدَاوَتِـي

وَانْــهَـدَّ مِـــنْ غَـــدْرِ الـــوَرَى بُـنْـيَانِي

أَنَـــا مَـــنْ حَــبَـاهُ اللهُ كُـــلَّ مُـهَـذَّبٍ

مِـــنْ طِــيـبِ أَخْـــلاقٍ وَعَـــذْبِ بَـيَـانِ

أَعْــطَـاهُ مِـــنْ بَــيـنِ الـخَـلائِقِ عِــزَّةً

تَــأْبَــى الــهَــوَانَ وَهِــمَّــةَ الـفُـرْسَـانِ

وَمِـنَ الـشَّهَامَةِ مَـا يَـهَابُ أُولُـو الـنَّدَى

ومِــنَ الـشَّـجَاعَةِ مَــا يُـهَـيِّبُ شَـانِـي

إِنْ كُـنـتِ مُـشـفِقَةً فَـلَسْتُ سِـوَى أَسَـىً

حَــطَـمَ الـهُـمُـومَ بِـمِـنْـجَلِ الـنِـسْـيانِ

أِوْ كُــنْــتِ عَــاذِلَـةً فَـــإِنَّ مَـوَاسِـمِـي

حَــصَــدَتْ إِلَــــيَّ سَـنَـابِـلَ الأَحْـــزَانِ

أَنَــا مَــا أَطَـبْـتُ الـقَـلْبَ كَـي أَشْـقَى بِـهِ

لَــكِـنَّ هَـــذَا الـقَـلْـبَ قَـــدْ أَشْـقَـانِـي

هَلْ صُنْتُ صَمْتَ السُّهْدِ فَاقْتَرَفَ الدُّجَى

أَمْ خُـنْـتُ سَـمْـتَ الـسَّـعْدِ فَـاسْـتَثْنَانِي

رَقَـــشَ الـغَـرَابَـةَ فِـــي مَــلَامِـحِ غُـرْبَـةٍ

وَاكْــتَـالَ مِــنْ كَــأِس الـمُـنَى وَسَـقَـانِي

كُــــلُّ ابْــــنِ آدَمَ هَــانِــئٌ بِــوُجُـودِهِ

وَأَنَــــا احْــتِـدَامُ الــوَجْـدِ والأشْــجَـانِ

لَا حِــسَّ يُـسْـرِجُ زَيْــتَ لَـوْعَةِ وِحْـدَتِي

لَا أُنْــــسَ يُـبْـهِـجُ وَحْــشَـةَ الـحِـرْمَـانِ

لَا شَـــيْءَ إِلَّا الـصَّـمْتَ يَـلْـثَغُ أَحْـرُفِـي

وَيَــخُـطُّـنِـي نَــصًّــا بِــــلَا عُــنْــوَانِ

حَـتَّـى الْـتَـقَيْتكِ وَالـخَرِيفُ قَـدِ انْـحَنَى

حُـلُـمًـا تَــوَضَّـأَ مِـــنْ سَــنًـا وَجُـمَـانِ

قَــدْ جِـئْـتِ مَـاجِـدَةَ الـوُجُـودِ وَإِنَّـنِـي

مِـــنْ مَـجْـدِ وَجْــدِي بِـالـفِرَاقِ أُعَـانِـي

يَـــا مَـــنْ بِــهَـا أَدْرَكْــتُ كُـنْـهَ تَـأَلُّـقِي

وِعَــرفْــتُ نَــكْـهَـةَ بَـسْـمَـتِي وَأَمَــانِـي

وَحَـمَـلْـتُ بَــيْـنَ أَضَـالِـعِـي وُجْـدَانَـهَـا

وَتَــرَكْــتُ بَــيْــنَ ضُـلُـوْعِـهَا وُجْــدَانِـي

وَقَـسَـمْتُ هَــذَا الـعُـمْرَ شَـطْـرٌ مَـهْرُهَا

وَلأَمْــرِهَـا فِـــي الْــحُـبِّ شَــطْـرٌ ثَــانِ

الـــذَّوْقُ فِـيـهَا الْـخَـزُّ فَــوْقَ وِسَــادَةٍ

وَالـشَّـوْقُ فِـيـهَا الْـمَـوْجُ فِـي الـشُّطآنِ

وَتَــبُــزُّ حِـكْـمَـتَـهَا الْـعُـقُـولَ كَـأَنَّـهَـا

وَرِثَـــتْ أُصُـــولَ الْـعِـلْـمِ مِــنْ لُـقْـمَانِ

أَغْــفُـو عَــلَـى فَـحْـوَى الْـبَـرَاءَةِ وَادِعًــا

وَأَضُــمُّ نَـجْـوَى الـطَّيْفِ فِـي الْأَجْـفَانِ

وَأَغُـــوصُ فِـــي الْـعَـيْـنَينِ آيَـــةَ فِـتْـنَةٍ

كَـالـشِّعْرِ يَـغْـرَقُ فِــي عَـمِـيقِ مَـعَـانِ

مَـــاذَا احْـتِـفَـالُ الأَبْـجَـدِيَّـةِ بِـــي إِذَا

لَــمْ تَـرْتَـشِفْ بِـالْـهَمْسِ شَـهْـدَ لِـسَـانِي

وَلِـمَنْ تُـغَنِّي الـرُّوحُ فِـي طَـرَبٍ سِـوَى

لَــمِـنِ ارْتَــقَـتْ بِـالْـحُـسْنِ وَالْإِحْــسَـانِ

أَغْــــرَتْ بِــجَـوْزَاءِ الـمَـكَـانِ وَأَرْهَــفَـتْ

بِـالـسَّمْتِ رَغْــمَ الـشَّـوكِ فِـي الأَزْمَـانِ

وَأَسَــتْ لِـكُـلِّ الـوَاجِـمِينَ عَـلَى الـرُّبَى

لَــكِـنَّـهَـا لَـــــمْ تَـــــأْسَ لِـلـبُـسْـتَانِي

مَــا زِلْــتُ أَنْـسـجُ مِــنْ مَـحَبَّتِهَا غَـدِي

وَأُدَثِّــــــرُ الْأحْــــــلاَمَ بِــالـتَّـحْـنَـانِ

وَأَضُـمُّـهَـا بَــيْـنَ الْـمَـشَـاعِرِ مُـضْـغَـةً

أَرْقَـــى بِــهَـا فِـــي عِـشْـقِـنَا الـنُّـورَانِي

قَـــدَرِي بَـــأَنْ أَهْــوَى تَـبَـسُّمَ ثَـغْـرِهَا

وَأَهِــيْـمُ فِـــي عَــبَـقِ الَّــتِـي تَـنْـسَانِي

وَأَدُوْرُ فِـــي فَــلَـكِ الــتِـي أَغْـــدُو بِـهَـا

مُــتَــفَـرِّدًا فِــــي عَــالَــمِ الإِنْــسَــانِ

إِنِّــي تَـعِـبْتُ مِــنَ الْـمَـرَافِئِ فَـاُحْضُنِي

لِأُسَــابِــقَ الْـمَـنْـفَـى إِلَــــى الْأَوْطَـــانِ

فَـخُـذِي بِـكَـفِّي يَــا حَـبِـيْبَةُ وَاسْـمَعِي

شَـــــدْوَ الــبَـلابِـلِ؛ إِنَّــهَــا أَلْــحَـانِـي

ضُـمِّـي الـوِصَالِ إِلَـى الـخَيَالَ وَحَـدِّثِي

عَــنِّــي رِضَــــاكِ وَلَـمْـلِـمِـي أرْكَــانِـي

وَتَــأَمَّـلِـي مِــنْــكِ الـحَـنِـينَ فَـإِنَّـنِـي

أَحْــنَـى عَـلَـيْـكِ مِــنِ الـوَتِـينِ الـحَـانِي

نَـسْـعَى إِلَــى ذَاكَ الـتَّـوَحُّدِ مَـا سَـعَى

لَـــيْـــلٌ بِــفَــجْــرٍ أَوْ يَـــــدٌ بِــبَــنَـانِ

وَأَنَـــا أُحُــبُّـكِ مَـــا أَتَــيـتِ وَأَحْـتَـفِـي

وَأَرَاكِ دِفْءَ الـــــــــرُّوحِ لِــــلأَبْــــدَانِ

فَـاسْـتَغْفِرِي عَـيْـنَيْكِ إِنْ عَــدَتِ الــرُّؤَى

أَوْ سَــبِّـحِـي عَــيْــنَ الْــهَـوَى لِـتَـرَانِـي

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى