حَـبِـلَ الـهـوى وهــو الـعَـقيمُ فـأنْجَبا طـفـلـين: نــهـرُ أنــوثـةٍ ورُبــى صِـبـا رضَــعـا الـمَـروءةَ والـمـودَّةَ والـنـدى وبــدمــعِ زهــــر الـيـاسـمـينِ تـطـيّـبا طِـفلانِ مـعصومانِ مـن دَنَـسٍ ومـن حِــقــدٍ وإنْ جــــارَ الـحَـقـودُ وأذْنــبـا طِـــفــلانِ مـجـنـونـانِ كــــلٌّ مـنـهـمـا يـأبـى بـغـير دُمــى الـمُـنى أنْ يـلـعَبا طِــفــلانِ يـلـتـجـئُ الـلـبـيبُ إلـيـهـما إنْ أعْــجَـزَتـهُ صَــبـابـةٌ واسْـتـصْـعَـبا يُـسْـتـفْتيانِ ألــيـسَ عُـجْـبا أنْ يُــرى طِـفـلٌ يُـنـاصِحُ فـي الـهُيامِ مُـجَرِّبا؟ طِـــفــلانِ يَــبْـتـكِـرانِ كــــلَّ عَــشِـيَّـةٍ بَـحـرًا جـديـدًا فــي الـعِـناقِ وكـوكبا تُـمْـسـي فـيُـصْـبِحُ غـيـرُ أنَّ رؤاهـمـا طِــبْــقٌ وإنْ بَــعُــدَ الــمَــزارُ وعَــذَّبــا طــفــلانِ دُمْــيَـتُـهُ فــراشــةُ ثـغـرِهـا نــصَـبَ الـفِـخـاخَ لـهـا فـمًـا مُـتـوَثِّبا والـعـشبُ فـي عـينيهِ دُمْـيَة ُ لَـهْوِها ويَـــــدٌ تُــمَــسِّـدُ نــاهِـدَيْـنِ ومَـنـكـبـا أغْـــوَتـــهُ جَــنَّـتُـهـا وأغـــواهــا بـــــهِ عــطــشٌ أبــــى إلا شــذاهـا مَـشـرَبـا سَــنــةٌ وأخـــرى واثـنـتـانِ: كـلاهـمـا يـخـشى مُـصـارحةَ الـحـبيبِ تـرَهُّـبا طحَنتْ رُحى الأشواقِ صبْرَهما وما عــرفــا لِــبَـوْحٍ مـــنْ حَــيـاءٍ مَـسْـرَبـا شــربـا لــظـى قـلـبـيهِما واسْـتـعْـطفا صَــبْـرَ الـرِّمـالِ عـلـى الـهـجيرِ تـلـهَّبا كـتـمـا الــهـوى دهْــرًا فـلـمّا أفْـصَـحا سَـقـطا عـلى صَـخْر الـذّهولِ تـعَجُّبا جَـمَـعَـتْـهُما الأيــــامُ خــــارجَ أفـقِـهـا فــي الـلامـكانِ فـأفْـصَحا واسْـتعْتبا فـتـناغيا طـيـرينِ فــي عـشِّ الـهوى وتـسـاقـيا كـــأسَ الـعِـتـابِ وأطـنـبـا شـــدَّتْ يــداهُ خِـمـارَها فـاسْـتغْرَبَتْ وتــسَــتَّـرَتْ بـقـمـيـصِها فـاسْـتـغْـرَبا شــعّـتْ مــرايـا خـصْـرِها وتـكـشّفتْ عـــن زهْـــرِ فُـــلٍّ بـالـضّـياءِ تـخَـضَّبا فـــزَّتْ يـــداهُ ومُـقـلـتاهُ وحَـمْـحَمَتْ شــفـتـاهُ والـجَـمْـرُ الـطـفـيءُ تـلـهَّـبا حَــطّـتْ عــلـى يـاقـوتِ سُـرَّتِـها يَــدٌ بــلـغ الـحـنـينُ بــهـا لِـوردتِـها الـزُّبـى واسْـتـنْـفرَتْ ثــغـري زنــابـقُ زنْـدِهـا فــانــهـالَ لــثـمًـا بــالـتّـأوُّهِ مُـصْـحَـبـا صــامــا دهــــورًا ثــــمّ لــمّــا أفْــطـرا هَــــزّا جِــــدارَ الـمُـسْـتحيلِ فـأرْطـبـا كـــفـــرا بِـــلــومِ الــلائـمـيـنَ وآمَـــنــا بـالـعِـشـقِ دِيــنًــا والـمـحـبَّةِ مـذْهـبـا رَغِـــبـــا عــــــن الـــلـــذاتِ إلا لــــــذَّة أنْ يُـصْـبِحا لـجـنونِ عِـشْـقٍ مَـضْـرِبا مــا عُــدْتُ أدْريـني: أكـنتُ أنـا ابـنها أم قــد غـدوتُ مـن الـحنانِ لـها أبـا؟ قـمَّـطْـتُـهـا بــأضـالـعـي وحَـضَـنْـتُـهـا تِــحْــضـانَ مُــفْـتـأدٍ يــــرومُ تـطـبُّـبـا يــــومٌ عــدلــتُ بــــهِ حَـيـاتـي كـلّـهـا طــفـلًا فــتـىً غــضًّـا وكــهـلًا أشْـيَـبا تــعِـبَ الـنـهـارُ فــنـامَ قــبـلَ غــروبـهِ وهُــمــا عــلـى حـالـيْـهِما لـــم يـتـعَـبا يــغـفـو الــسَّـريـرُ فـيـوقِـظانِ أنـيـنـهُ بـلـهـيـبِ مُـتّـقِـدَيْنِ شَـــبَّ فـأحْـطَـبا يـتـسـاقـيـانِ مــــن الــرَّحـيـقِ ألــــذَّهُ ومـــن الـقـطوفِ الـدّانـياتِ الأطـيَـبا عَــرفــا يـنـابـيعَ الـمـجـونِ فــأوْصَـدا عــنــهـا كــؤوسَـهـمـا فـــلــم يـتـقـرَّبـا عَــجَـنـا بـدمـعِـهما طـحـيـن صَـبـابـةٍ خَــبَــزاهُ لــثـمًـا بــالـرِّضـابِ مُـطـيَّـبـا يـظـما فـترضعُهُ الـرّضابَ وتـشْتكي ضَـجَـرًا فـيُـنشِئُ مــن قـصـيدٍ مـلعبا عــقـدَتْ تُـوَيْـجَـتُها قِـــرانَ عـبـيـرِها بـنـمـيرِ مَـيْـسَـمِهِ فــطـابَ الـمُـجْتبى خَـبَـرَتْـهُ صــحـراءً فــقـادتْ غـيـمَـها لِـــتــزخَّ تِــسْـكـابًـا عــلـيـهِ فـأعْـشـبـا يـرفـو بـشوكِ الـصّمتِ بُـرْدَةَ جُـرحِهِ ويــقـولُ: أهـــلا بـالـهـمومِ ومـرحَـبـا كـبَـتِ الـدُّروبُ ومـا كـبَتْ خـطواتُها وخـبَـتْ قـنـاديلُ الـسّـماءِ ومــا خَـبا ورثـــا بـثـينةَ والـمُـلوَّحَ فــي الـهـوى والأخْــيَــلـيَّـة وابـــــن وردَ وزيْــنــبـا عــاش الـحـياةَ مُـصَدِّقًا غـدرَ الـهوى وأتــتْــهُ بـالـعـشـقِ الـيـقـيـنِ فـكـذّبـا عَــهَـدَ الــهـوى لـهـمـا بـحِـفظِ كـتـابهِ فــتــخــلّـقـا بــعَــفــافِــهِ وتــمَــذْهَــبـا أسْـــرى بـحـقـلِهما الـرّبـيـعُ وشـمـسُهُ فــإذا الـهجيرُ أرقُّ مـن عـذبِ الـصَّبا عصَمَتْ خطايَ من الجنوحِ ودجّنتْ طـيـشـي وجَــزّتْ لـلـخطيئةِ مـخـلبا قـد كـنتُ مـن قـبل ارتـشافِ نميرها حَـطـبًا مــن الـشّـوكِ الـهشيمِ فـأعْنبا ف “بـــــأيِّ آلاء ٍ” أكـــــذِّبُ حُــبَّــهـا؟ وب ” بــأيِّ آلاء ٍ ” أصَــدِّقُ مُـحْـرِبا؟ وب ” أيِّ آلاء ٍ ” أنــــــادِمُ غــيــرَهـا؟ وب ” أيِّ ” آلاءٍ تُــســامِـرُ مُــعْـجَـبـا؟ وتــوادَعـا عــنـد الـمـسـاءِ فـشـرَّقـتْ تـشـريـقَ أفـــواجِ الـحـجـيجِ وغـرَّبـا حَـجَبَتْ عـن الأحـداقِ لـون زهورِها إلا لِـمُـقْـلـتِهِ فـتـكـشـفُ عــــن رُبــــى فــيـشـمُّ رَيْــحـانًـا ويــقـطـفُ زنـبـقًـا ويــمــصُّ تُــوتًـا كـالـطِـلا مُـسْـتـعذبا هــــــو مــثـلـهـا: مُــتـحَـجِّـبٌ لــكــنـهُ جــعَــلَ الــفــؤادَ بـحـبِّـهـا مُـتـحَـجِّـبا هــيَ نـخـلةُ الـلّـهِ اصـطفاني سـادِنا ً مُـتـهَـجِّـدًا فــــي عـشـقِـهـا مُـتـرَهِّـبـا مَـعصومَةَ الأعذاقِ والسَّعْفِ اشهدي يــــومَ الــحِـسـابِ إذا يــسـاريَ ألّــبـا أنــــا مــــا عـبـدتُـكِ رغــبَـةً بـضَـلالـةٍ فــلــقــدْ عَــبَــدْتُـكِ لـــلإلــهِ تــقــرُّبـا |