أدبشعر

سادن الوجع الجليل

عــاتَـبْـتُ لــــو ســمـعَ الـقـريـبُ عـتـابـي

وكــتــبـتُ لـــــو قـــــرأ الــبـعـيـدُ كــتــابـي

وســألــتُ لــــو أنَّ الــذيــن مَـحَـضْـتُهُم

وِدّي أضــــــــاؤوا حـــيــرتــي بــــجـــوابِ

وَعَــصَـرْتُ مـــاءَ الـعـيـنِ لـــو أنَّ الأســى

أبــقـى بـحـقـلِ الـعـمـرِ عُـشْـبَ شـبـابِ

وَأنَــبْـتُ عـنـي لــو يُـنـابُ أخــو الـهـوى

بــسـخـيـنِ أحـــــداقٍ ونـــــزفِ إهـــــابِ

وَتَــرَنَّــمـتْ لـــــو لــــم تــكــن مـشـلـولـةً

شــفـتـي ومــصـلـوبَ الــلـحـونِ ربــابــي

كــيــف الــغـنـاءُ؟ حـدائـقـي مـذبـوحـةٌ

أزهــــــارُهــــــا ويـــبـــيـــســةٌ أعــــنــــابـــي

شــجــري بــــلا ظِــــلٍّ وكــــلُّ فــصـولـهِ

قـــيـــظٌ وظـــمـــآنُ الــغــيـومِ ســحــابـي

طَـــرَقَ الــهـوى قـلـبـي وحــيـن فَـتَـحْتُهُ

ألـــقــى بـــــه عــصــفـاً وعـــــودَ ثـــقــابِ

حـتـى إذا كـشَفَ الـضحى عـن شـمسهِ

ألــفــيــتُـنـي مـــيــتــاً بـــنــبــضِ ثــــيـــابِ

يــتــقـاتـل الـــضِـــدّان بـــيــن أضــالــعـي

عَــــــزْمُ الــيــقـيـنِ وحـــيـــرةُ الــمــرتــابِ

صُــبْـحـي بــــلا شــمــسِ وأمـــا أنـجـمـي

فَــبَــريــقُ بــــــارودٍ وومــــــضُ حــــــرابِ

روحــي تـمـصُّ لـظـى الـهـجيرِ وَتَـسْتَقي

شــفـتـاي مــــن دمـــعٍ ووهـــجِ ســـرابِ

أرفــــو بــخـيـطِ الــذكـريـاتِ حـشـاشـةً

خَـــرَمَــتْ مــلاءَتَــهـا نِـــصــالُ غـــيــابِ

الـــــــدارُ بـــالأحــبــابِ مـــــــا أفــيــاؤُهــا

إنْ أَقْـــفَـــرَتْ داري مـــــن الأحـــبــاب؟

عـــابــوا عــلــى قــلـبـي قــنـاعـةَ نَــبْـضِـهِ

أنَّ الـــردى فـــي الـعـشـقِ لـيـس بِـعـابِ

أنــــا ســـادنُ الــوَجَـعِ الـجـلـيلِ خَـبَـرْتُـهُ

طـــفــلاً وهـــــا قــارَبْــتُ يــــومَ ذهــابــي

*****

صــــوفـــيَّـــةَ الــــنـــيـــرانِ لا تـــتـــرفَّــقــي

بـــــيْ لـــــو أتــيــتُـكِ حـــامــلاً أحــطــابـي

قــد جـئـتُ أسـتـجدي لـظاكِ لـتحرقي

مـــــا أَبْـــقَــتِ الأيـــــامُ مـــــن أعــشــابـي

أنـــا طِـفْـلُكِ الـشـيخُ ابـتـدأتُ كـهـولتي

مــــن قــبــلِ بــــدءِ طـفـولـتـي وشـبـابـي

لَــعِــبَـتْ بـــــي الأيــــامُ حــتــى أَدْمَــنَــتْ

وَجَـــعـــي وَخَـــــرَّزَتِ الــعــثـارُ شِــعــابـي

يـــحـــدو بــقـافـلـتـي الــضَــيــاعُ كــأنــنـي

لـــلـــحــزنِ راحٌ والـــهـــمــومِ خــــوابــــي

إنْ تــفـتـحـي بـــــابَ الــعــتـابِ فــإنــنـي

أَغْــلَــقْـتُ فــــي وجــــهِ الــمـلامـةِ بــابــي

أهــــواكِ؟ لا أدري أَضَــعــتُ بـداهـتـي

وأَضـــاعـــنــي فــــــــي لـــيـــلــهِ تِـــغْــرابــي

كـــــــلُّ الــــــذي أدريــــــهِ أنــــــي بَــــــذْرَةٌ

أَمّـــــــا هـــــــواكِ فـــجــدولــي وتُــــرابـــي

نَــزَقــي عــفـيـفٌ كـالـطـفـولةِ فــاهـدئـي

أنــــــا طــفــلـكِ الــمـفـطـومُ لا تــرتــابـي

الــشـيـبُ؟ ذا زَبَـــدُ الـسـنـين رمـــى بـــه

مــــوجُ الــحـيـاةِ عــلــى فــتــىً مـتـصـابي

“سـتٌ وخـمسون” انـتهين وليس من

فـــــرحٍ أُخـــيــطُ بـــــه فـــتــوقَ عــذابــي

الـــدغــل والـــزُقّــومُ فـــــوق مــوائــدي

والــقــيــحُ والــغِـسـلـيـنُ فــــــي أكـــوابــي

أحـبـيـبـة الــوجــع الـجـلـيـل مـصـيـبتي

أن الـــعـــراق الـــيـــومَ غـــــاب ذئـــــابِ

لــــــو كــــــان يــفــتــح لــلــمـشـردِ بـــابــه

لأتـــيـــتُــهُ زحــــفــــاً عــــلــــى أهــــدابـــي

وطــويــتُ خــيـمـةَ غــربـتـي لــــو أنــهــا

عَـــرَفَــتْ أمـــانــاً فــــي الــعــراق روابــــي

أوقـــفـــتُ نـــاعــوري عـــلــى بــسـتـانِـهِ

وعـــلــى دجـــــاهُ الـمـسـتـريب شــهـابـي

*****

عــانَــقْــتُــهـا فـــتـــوضَّـــأتْ بـــزفــيــرِهــا

روحــــي وعــطَّـرنـي شــمـيـمُ خــضــابِ

كـــــادت تَــفــرُّ إلــــى زنــابــقِ خــصـرهـا

شـــفــتــي فـــــــرارَ ظــمــيـئـةٍ لـــشـــرابِ

ســكـرتْ يـــدي لــمّـا مَـــرَرْتُ بـراحـتـي

مـــــا بـــيــنَ مـــــوجِ جـــدائــلٍ وقِـــبــابِ

وحـــقـــولِ نــعــنــاعٍ تَــفَــتَّــحَ وردهــــــا

وســـهـــولِ ريـــحــانٍ وَطَـــــلِّ حُـــبــابِ

لُــذْنــا بــثــوبِ الــلـيـلِ نَــسْـتـرُ شـوقـنـا

مـــــن عــيــن مُــلـتـصٍّ ومــــن مــرتــابِ

فــشـربـتُ أعــــذبَ مــــا تــمـنّـى ظــامـئٌ

شــهـدٌ غَـسَـلـتُ بـــهِ مُــضـاغَ الـصّـابِ

يا أيها المجنونُ – صاحَتْ- دَعْكَ من

تُـــــفـــــاحِ بُـــســـتــانــي وَزِقٍّ رضـــــابــــي

جَــرَّحْــتَ فـسـتـاني فـكـيـف بـزنـبـقي؟

فَــــأَعِـــدْ عـــلـــيَّ عــبــاءتــي وحِــجــابــي

حـــتــى إذا نَـــهَــضَ الــمُـكِّـبـرُّ والــدجــى

فَــــرَكَ الـعـيـونَ ولاحَ خــيـطُ شِــهـابِ

وتـــثــاءَبَ الــقـنـديـلُ وابـــتــدأ الــسـنـا

عــــريـــانَ مُــلْــتَــفّـاً بـــثـــوبِ ضَـــبـــابِ

صَـــلَّــتْ وصــلَّــيـتُ الــنـوافـلَ مـثـلَـهـا

وبــسـطـتُ صَــحْـنَ الـــروحِ لـلـوهّـابِ

*****

خـوفـي عـلـيَّ – وقــد تَـلَـبَّسَني الـهوى-

مــنــي ومــنــكِ عـلـيـكِ يـــومَ حــسـابِ

إنْ كــنــتِ جــاحــدةً هــــوايَ فـهـاتِـنـي

قــلــبــي وتِـــبْـــرَ عــواطــفــي وصـــوابـــي

نَـــــمْ يـــــا طـــريــدَ الـجَّـنـتـيـنِ مـعـانـقـاً

خـــــالاً يــشــعُّ ســنــاهُ بــيــن هــضــابِ

عَــرَفَـتْـكَ مــخـبـولاً تُـقـايـضُ بـالـنـدى

جـــمـــراً وكـــهــفَ فــجـيـعـةٍ بـــرحــابِ

*****

اصــحـابَـنـا فـــــي دار دجـــلــةَ عـــذرَكــمْ

إنْ غَـــرَّبَــتْ قـــدمــاي يـــــا أصــحــابـي

جَــفَّــتْ يـنـابـيـعُ الــوئــامِ وأّصْــحَــرَتْ

بــــــدءَ الــربــيــعِ حـــدائـــق الــلــبــلابِ

أحــبــابَــنـا واسْــتَــوْحَـشَـتْ أجــفــانَـهـا

مُــقَــلــي وشــاكــسَـنـي طـــريــقُ إيـــابــي

أحــبــابَــنــا عَـــــــزَّ الـــلــقــاءُ وآذَنَـــــــتْ

شــمــسـي قُــبــيـلَ شــروقِــهـا بــغــيـابِ

أحــبـابَـنـا فـــــي الـدجـلـتـيـن تَــعَـطَّـلَـتْ

أعـــيــادُنــا مـــــــن بـــعــدكــم أحـــبــابــي

نـــدعـــو ونــجــهـل أَنَّ جُـــــلَّ دُعــائِــنـا

مــنــذ احـتـرفـنا الـحـقـدَ غــيـرُ مُــجـابِ

نَـــخَـــرَ الـــوبـــاءُ الــطــائـفـيُّ عــظــامـنـا

واسْــتَــفْــحـلَ الــطــاعــونُ بـــالأربـــابِ

عــشــنـا بــديــجـورٍ فــلــمـا أَشْــمَـسَـتْ

كــشـفَ الـضـحـى عـــن قـاتـلٍ ومـرابـي

ومُـسَـبِّـحـيـنَ تــكــاد حــيــن دخــولـهـم

تــشــكـو الإلـــــهَ حـــجــارةُ الــمـحـرابِ

ومُــخَــنَّــثــيـن يـــــــــرون دكَّ مـــــــــآذنٍ

مـــجـــداً وأنَّ الــنــصــرَ حــــــزُّ رقــــــابِ

وطـــنَ الـلـصـوصِ الـمـارقـين ألا كــفـى

صـــبـــراً عـــلــى الـــدُخــلاءِ والأذنـــــابِ

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى