كان من الممكن جدا أن تستيقظ الحياة من سباتها وتنطلق راكضة خلف النور تبحث عن إنسانية تواجدها على الأرض لولا فراملُ الطغيان التي وضعت أمامها السدود والعلائق حيثُ رسمتْ وجهاً للإرادةِ المؤجلةِ، وهدهدتْ ويلات السباتٍ الطاعنٍ في أذن المسير في كهوفٍ تعجُّ بشخيرِ اللاغايةِ؛ فالسبات مخدر للذاكرة لتظل غريقة في قاع آسن.
ضميرُ الحبِّ سر الوجود، والإنسانيةُ صحوة العدل، وذلك المختلسُ لوميضِ حياةٍ تجرّدتْ من رجفةِ الشعور كيف يكشف غواية أشباح الفتن وهو مكمم بخنوع مخطط. كيف يكشفَ غايةَ اشتعالِ فتيلِ الفتنةِ لبترِ أعضاءِ الطاعون المستشري في دم الصباح؟ وهل ينجلي الغبار ويفطن أن الاتكاء على مضجع الصبر هو شريانُ الفجر المقدّسِ كي تُطوى صحائفُ الأحلامِ المتمردة. لا فجرَ يأتي بصبر يختبئ خلف الظلام.
من الطبيعي أن تسكن حياتنا في واد بلا فجر حين ظهرت الشمسُ بإشراقة ذابلة وكأنها مستعدة للأفول عند صفعة من يد العتم! يرتعشَ عُرجونَ الأملْ بين غصونِ الضوءِ ويخفق المصباح في عيون الطريق فتهدر جامحةً الأمواج بوعود زبدية المآلِ في بحرِ المجدِ والانتماء. قد كانتِ الهزيمةُ عندما جفلَ بفرائسِ الخوفِ عندَ أوّلِ عقبةٍ سهلةِ المرامْ، فكان السقوط مقيت متكوّرٍ في الذاتِ. فرض الحب قطافَ لؤلؤ اللاركوع، لأحلم ببداية احتدمت بنيرانِ الصحوهْ، عند مفترقٍ من غفلةِ المحك الدامس فكيف أتحسسُ دروبَ الضوءِ؟
أتعثر بشهقةِ العروجِ المقيّدِ بسلاسلِ المنعِ الخانقِ، أفرد اجنحتي المرتجفة على أعشاشي المرصودة وروحي تذرف ما تهدج بصوتِ الحقيقةِ في حناجرِ المدينةِ الغاطسة في النيران. أحلم برايةٍ ترفرفُ على صواري العدل، لفرحٍ يهطلُ شآبيبَ إنسانيّهْ تروي النهرينِ، وتصبُّ في شرايينِ الوطنِ. يزفرُ صدري حرقةَ الجهلِ حين يفردُ سوادَهُ الطامعِ تحت سماء النور وعلى شقشقةِ الفجرِ سأجاهرُ بالحلمِ المعهودِ المؤطّرِ بأوجاعِ الصمتِ المبجّلِ، أمامَ ثورةِ دمائي المجسّدة ببركانٍ ثارَ بنارِ خطيئاتهم. لولا أنَّ الحريّةَ بددتها يدُ المنيّةِ المنبعثةِ من تعاويذْ تسبح بحمدِ الذاتِ المنشقّة من دين أبي لهبٍ مَا ضاعتِ الإنسانيةُ بين حقدٍ وقلقْ.