ما زلْتُ أرشفُ ذاك الإحساس، أنهَلُهُ دوماً ولا زال يُعربِدُني في الجسد، يتوحَّدُني في الفؤاد، يعْزفني على أوتارِ اللَّهْفةِ اللَّاهبة. طيفُهُ معقودٌ بذاكرتي، يتلألأ في همساتي الخفيَّة، وشذاه الجذلانُ يُسكرني يعصفُني إلى حَدِّ الولَه مع نسماتِ حرفِه العليل وهمساتِهِ الشَّجِية.
يرسُمُ صقيعُ الشتاءِ ارتعاشةَ حُبٍّ دافئٍ على رموشِ عيني، ليَتَسلَّلَ من أهدابي بريقٌ يحكي مهْرجانَ نَشوةٍ تَتَوهَّجُ عندَ حُمرةِ خدي، وتتَمَوَّجُ معَ شُحنةٍ منْ فرحٍ كبيرٍ بداخلي. وزخاتُ المطر تتناثرُ على شُرفتي، تَروي عطشا بنفْسي، يتناغمُ معها أملٌ كبيرٌ وعبيرُ حُبٍّ قدْ نَفَحَتْه أشواقي إليهِ.
رائحةُ القهوةِ أنتَشيها الآن عِشقاً مع أنسامِ هذا الصباح الجميل. توعدني بأمسيةٍ حالمةٍ وليلٍ عليل. أداعبُها بأنفاسي ونظراتي، لتتضمَّخَ أجوائي بالآه ومُتعةِ الآهِ وتراتيلِ الآهِ، وما تحملُهُ من عطرٍ معتَّقٍ لطالما أحببتُه.
وعند تناهيدِ الشوقِ والحنين، يُمَلَّكني حَرفي أقصى مداه، لِأراقصَ تراتيلَ هَواه. وبعْدَ بوحِ المشاعر أغمضُ عيني لتَسكُنَ روحي ضياءً يُلَحِّنُ بهاءَ رُؤاه.