أدبنثر

إني أترقَّبك

ليس هناك أروع من تلك اللحظاتِ التي نسُلُّها من خاصرةِ الزمن لنحييها بذبيبِ الأمل ورعشةِ الفرح. بنسيمِها ورحيقِ أديمها نستديمُها حين يسدل الليلُ أستارَه على ضجيجِ النهار، ليحد من ربكةِ الخطى والأفكارِ وتموجاتِ النفس الجهيدة والقلبِ المنهار. نحتاج إلى الهروبِ أحيانا من الواقعِ المعاش والروتينِ الممل، نشتاق لأن نخلقَ لأنفسِنا لحظاتٍ تنسينا تشنجاتِ الحياةِ الدائمة وصريخِ الهمومِ الهاطل.

هي الدنيا تُقلبُنا على الجنبين، ونحن من يُحس بمكمنِ الراحة أو التعبِ المتربصِ في الإثنين، نحن من يبحثُ بين مكامنها عن متنفسٍ لاحتواء ما يسعدُنا فيها، نبتسم ونتفاءلُ حين نحس أن هناك ثمة فرح سوف يتحقق في الغدِ أو ربما بعدَ غدٍ بمراسيها. ذلك أن كل واحدٍ منا يحب أن يسعدَ في حياتِه بأي شكلٍ من الأشكال، بعضُنا يكون محظوظاً ويسْهُلُ عليه ذلك، والبعضُ الآخر قد يصعب أو ينعدمُ عنده الأملُ في لحظاتِ سعيدة بظروفٍ قاهرة، لكن الحصيف من لا نضيع أيةَ فرصةٍ تطرُقُ الباب، أو فرحةٍ عبيرُها في أحلامنا ينساب؛ ليس أجمل من أن نعيشَ أفراحَنا بسلام، وأن نحاولَ نسيانَ الأحزان والآلام، ونجعلَ النفسَ تتفيأ أطيبَ الأنسام.

وإنِّي أترقَّبُك في كلِّ وقتٍ وحين، أتفقَّدُك عند عطورِ الفلِّ والياسمين، وأتحسَّسُ لُقياك عند أحلامِ الوردِ وأشعارِ المُغرَمين، فأسائلُ شغفَ النبضِ عن سناك كيف شعَّ بقلبي وانساب، كيف تخلَّلَ شغافَ روحي فجأة واستجاب، وكيف تسلَّلَتْ منك إليَّ بحسٍّ عميقٍ زخاتُ ذاك العشقِ المتين. أسائل نفسي كيف ارتَعشَتْ لك الجوارحُ والمشاعرُ واختَلَجَتْ، وكيف تَسَلطَنَ غلاك عند أوتارِ الوتين..

أبحثُ عنك دائما وأنت أمام العين، ليس لأني لا أراك، وإنما لأرى نفسي فيك يومَ ألقاك، ولأغزلَ فرحتي منك ومن نظرةِ عينيك، ولأزفَّني عطراً معتَّقا يسِحُّ بين يديْك، ولأسبحَ في بحرِ هواك على مرِّ ما تبقَّى مِنْ فرحِ السّنين.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى