لعلها كانت فرصة جميلة حين التقيت المربية الفاضلة السيدة حنين الأشقر مديرة مدرسة الفينيق في ضاحية خلدا الراقية في عمَّان، ووجهت لي الدعوة لحضور فعالية من فعاليات المدرسة، وهذه كانت الفرصة الثانية لأشارك طلاب المدرسة بعض من نشاطاتهم حيث شاركتهم المرة الأولى في زيارة “جاليري فنون” بدعوة ومرافقة من الفنانة التشكيلية ربا أبو دلو، وهذه المرة كانت الفكرة المقترحة زيارة مخيم الحسين للاجئين للقيام بمجموعة نشاطات لطلاب من مدرسة الفينيق مع أطفال من مخيم الحسين.
الفينيق ليست مجرد مدرسة يتعلم بها الطلاب، فهي فكرة ورسالة آمنت بها السيدة حنين بحكم تجربتها الطويلة، فعملت في هذه المدرسة على إشراك الطلاب ذوي الإعاقات (احتياجات خاصة) مع الطلاب الأسوياء، فشعارها أن العلم قيمة في حد ذاته، وبالتالي فرسالة المدرسة تنمية القدرة الابتكارية للطلاب التي هي قوام العملية التربوية لأننا نعد أبناءنا لمستقبل يصعب معرفة طبيعته واحتياجاته، إضافة إلى المساهمة في بناء جيل قادر على إنتاج المعرفة واستخدامها بشكل فاعل يخدم الإنسانية، والغاية إعادة الاعتبار إلى العقل واحترام الانسان من جديد وتعزيز فنون ومهارات الاتصال الضرورية لدى الطلاب وتسليحهم بمهارات للتعامل والاتصال الثقافي مع الآخر، انطلاقا من فهم واضح للذات والآخر لبناء أرضية للتفاهم المشترك المدرك للاختلاف لا القامع لهذا الاختلاف ضمن فهم إنساني، كانت فكرة أن يتجه عدد من أبناء وطلاب وطالبات الفينيق إلى مخيم الحسين ضمن برنامج فني وثقافي واجتماعي.
بدأ البرنامج بمادة ثقافية حيث جرى توزيع الأوراق على الأطفال ليسجلوا عليها إجابات الأسئلة التي كانت توجهها السيدة حنين وبعدها جرت فقرة للفن التشكيلي من خلال عرض مجموعة لوحات على الشاشة وإعطاء المجال للأطفال ليعطوا ملاحظاتهم ويجيبوا على الأسئلة، وهذه الفقرة هدفت لإعلاء الذائقة الفنية لدى الأطفال والثقافة التشكيلية بالتعاون بين الفنانة التشكيلية ربا أبو دلو والسيدة حنين، ليتم توزيع الألوان والأوراق على الأطفال ليرسموا من خلال خيالهم، وحين تابعت الرسوم وجدت أن هناك بذور لفنانين في المستقبل إن تمت متابعة رعايتهم، لتبدأ بعدها فقرة من خلال الألعاب باليد من خلال المشرفات والمتطوعين ورواية حكاية لكل مجموعة من الأطفال، وقامت المشرفات بالرسم على وجوه الأطفال بألوان فرح وجماليات بسيطة، وفي النهاية وبعد سلسلة من الفقرات الثقافية والفنية شارك الأطفال بحلقات دبكة تراثية قبل دعوتهم لتناول الغداء الذي تم إعداده بيتيا.
وسعدت وأنا أرى الفرح مرسوما على وجوه الأطفال وأستمع لرغباتهم بتكرار التجربة مرات أخرى، وشعرت كيف أن الصداقة نمت بين أطفال الفينيق وأطفال المخيم، فشكرت الطاقم المشارك والسيدة حنين الأشقر على دعوتي لمشاركة الأطفال الفرح ورسم الفرح على وجهي كما على وجوه الأطفال.