أدبنثر

نوارس الروح

منذ صرخات ذاكرة الانتظار، وحتى صدى تجاعيد الحبر على سقيفة المسافات، والورد ما زال يقشر أوراقه ذبولًا أمام كبرياء القلب، ويدسّ برائحته العطرية في زجاجات حزنه العاري. فكيف يهدأ لونه الداكن ودواة الألوان فارغة من دندنة الحروف التي كانت تحبو يومًا نحو مملكة شِعرك وهي بكامل اللهفة والهذيان؟! كيف ينبت للقصيدة جذورًا، ونوارس روحي تضجّ قصائدَ بلا روح من خافقي المعزول عن الفرح والغناء، لا تحمل بكفيّها صوت الحروف، ولا أمنيات المطر اليتيمة؟!

كفيفٌ كفّي وهو يمارس الحزن بأوصاف الصمت عند أعتاب الانتظار، وعطاؤه أمنيات باسمة يكويها الأنين من وصايا الماء الغافل عن الفيضان. فكيف للشّمس أن تقبّل وجه النّهار وهو عابس يقطر منه تراتيل الليل المظلم؟!
وأنا أتساقط من ذنوبي نحو جاذبية الماء، التي تغويني مسيرة بحر وشلال نهر نحو عروجي إلى فتنة الرمال حيث علقت أرواحنا وأسماءنا بين الكثبان، وأنا أجهض مصابيح الخيال على منضدة الليالي المظلمة. لا طير يغرد لي، ولا شيء يمنحني قدرة المناجاة نحو أعناق الياسمين ورائحة الأقحوان.

ولأنني كنت نقطة الحبر في بحر الذكريات؛ ولأنني الفاصلة في السطر الأعلى من قاموسك العابر؛ ولأنني الشَّدّة التي تلجم فم القلم، وتُخرس حركات الأسفار؛ سأعلن النفير على الكلمات وأكسر السكون التي تُخرس الحروف. لن أترك الشوك يفتك بخديها ويدمي عنقها. ولن أدع الاستفهام يعلّق أهدابه على مقصلة السؤال. فتوزّعي يا زهور على وجه القصيدة كي تفوح من أكمامها العبق وتسيل من ثغرها شهد الحوار.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى