أدبنثر

محبرة المشاعر

كنت لا أغرد على نافذتك إلا بعد سماع عزف نبضك الذي ينقش من خيوط الشمس أبهى الضياء، فهل كنت تكتب من الأمنيات أطراف العبور عبر نسيج الروح؟ أم هل كنت تتلقى رسائل الدفء من ذبذبات الخيال وهو يرسم لك زهرة بنفسج القلب، بعد أن توضأت بعبق البوح على ضفاف الصباح المشرق من سراجك؟

وها هي ابتسامتك اصطفت على مرآة وجهي وهي تقلب حياءه بين ضلوع الورد لتعكس احمرار الخد، بعد أن طال التمعن فيه والنظر في العيون وما تحمله الأهداب من سر دفين لا تتمتم به إلا بإشارات من صنع الذاكرة؛ لتحيي شغف الروح في موسم اللقاء. وأنا أنا لا أملك إلا النظر من ثقب ذاتي أنتظر الشروق من دهاليز الظلام، كي تشرق الروح من بلسم حروفك الناطقة صدقاً وطهراً.

وما توحيه ريشة الروح من قنديل الحرف الذي يسكب في سمائي ضوؤك المتوهج وهو يناغي النجوم سهراً حتى طلوع الفجر؛ كي تنشد في المسامرة أحلى حديث. وتراشقني وشوشتها العذبة بإكليل من ورد الروح، حتى تعلن ليلة لم يشهدها التاريخ. كم يشتد العطر برائحته كي يدلني عليك، كي تتفتح أفواه اللغة وهي تضع وشم ريقها على خدّ التعابير التي تنحني إعجابا وتقديرا بهذا الهطول.

كيف أنت والصباح وعبق الورد وسحر الوقت؟ كيف أنت والروح تشتاق لسنابل اللقاء، وتجثو على لهفة تشرق منها الحنين والوداد؟ يا شهد الأماني، وسحر الأحلام حين تتوالى فيها نبضة نبضة من أغصان القلب كي تنمو رحيق الذكريات وتعيد محبرة المشاعر بألوان قزح تشع في السماء وجودي.
أين العطر الذي شممته من قوارير بوحك حين أغدق المطر دفء الكلام؟ فإن الروح يا حبيب ولهى لشروق الشوق والحرف يأبى المداد إلا منك وإليك. فهلا فككت قيد الخيال وأطلقت لسان الحرية؟

أتنفس همسك، وأنا في كفّ خيالك أرجوحة، تهزّ نخيل عطرك حين يلامس زهرة الروح، دون أن تصطدم بهواجس الملل، ودون أن تتقوقع في حنجرة صوتك، أطلق العنان لبحّة حرفك، واكتب فوق جبيني حروف اسمك، كي يختلط ماؤه بكوثر اسمي. وخذ من أناملي وردة واغرسها حيث يشتعل الحنين قبل استيقاظ الصباح، وقبل أن تغردنا العصافير على نافذة الشوق.. قبل أن تستيقظ الأرض من سباتها، وقبل أن يلمحنا دجى الليل. فإني لن أدع الليل يأكل أضواءنا، ولن أدع القمر يسلب نورك، وألسنة الشمس تبتلع ريقك.

سوف أشدّ شعر الكلام قبل أن تشرد الحروف من خزائن القلب، كي تسبح في حبر اللهفة والشوق على كل خطوة إليك. فلقد أصبح شِعري منارة لقلبك، وقيثارة لا تعرف عزف الجفاف، ولا تعرف خمول الحرف بين رياض القلب ومسافات اللقاء. وإني سأملأ جيوب الحظ من ألحان السماء، وأغزل من صوت قصائدي حباً تخلّده الأيام أمنيات لكل مواسم الخيال وكل ألوان الكلام.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى