أدبنثر

قراءة في صفحةِ النٌبضِ

سحبتُ جذورَ الّلعب من جُرحي، واقتبستُ الصّمتَ في صفحةِ نبضي، وقامرتُ في ورقِ الذّكرياتِ بعد أن هدرتُ دمي في كؤوسهِ. وغمستُ قلبي في الرّمال أقرأُ الّليلَ تحتَ الضّبابِ المتراكمِ في عينيّ فتطربُني رشَقات رذاذهِ في غيابي، ويعبدُني الجرحُ من دونِ بلسمٍ واق. كم كأسَ مسرةٍ شرِبَ منّي وجفَّفهُ على حرِّ عَرَقي، وكم شمعةً تلقَّحت فأطفأها في قلبي، فلماذا استأجرتُ زمناً يداوي!؟

يباغتني في الهجر تركَ حروفي كأيتام مدينتي الذّين أتَوا من أقصى الحزن ليشتمّوا حريق قبّتهِ. أيها النّبض: أنا لا أملك بيتاً لعواطفي أنزعُ فيه كلّ تعب أفكاري، لكنّي سأكون كالمطر يغسلُ حروف القمر لتكون دليلي في العتمةِ. وسأغمضُ عيون الرّيح السّاخنةِ التي تنبثقُ من شبّاك ذاتي، وسأكفكفُ الدّمعَ الّذي يطرق أرصفة جفوني. سأعيد أحلامي التي باعوها وراء الشمس وأترك التّعاطي بالحزن والصّمتِ.

سأبحث عنّي في وجهكَ أيّها النّبض؛ عن حمائم روحي؛ عن الإنسان الذي لا ينفكّ عن محراب ربهِ؛ عن النّقاء؛ عن بياض بيتي. حينها سأوزّعُ من بذوركَ في أرجاء أنفاسي وأقلعُ عشبَ الغربة بين حدود أوطاني، فلا تتركني في النّسيان، لا تتركني بين الأنياب أجترُّ جراحي، وإيّاك أن تمسك الجوعَ سكّيناً على عنق الأمل فتفترسني كما فعلت أقطابُ السياسة في بلدي.

أقرأ على شمس الصباح وِرْدَ الشوق وأنا أقشّر الطريق زهرةً زهرةً بكامل وحدتي. كلما غاب ضوؤك عني، أهش العتمة عن عيوني، وأسرج قنديل الانتظار مسيرة صبر ومئة عام من الدفء. لن أترك نوارس القلب تثرثر حكايات الرحيل، ولن أدع هذيان الحرف يلقي القصيدة المعتقة بعطرك، على أوتار الغياب. سأبقى الهلال الذي ينتظرك بدراً وسط السماء. وسأعدّ النجوم بأنامل القمر نجمة نجمة كي نحتفل بألحان المطر وهي تأرج من العطر ألحاناً على خصر الصباح. فخذ بيدي لنمسك قرص الشّمس، لنقطفَ من خيوطها النّور، ومن جدائلها أترجةَ الأمل ما يكفيني ويكفي أمّتي الّتي تبدأ من تكويني.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى