أدبقصة

حضور و غياب

بعدَ عام، عادَ إلى نفسِ المكانِ الذي سجَّل فيهِ أوَّلَ غياب. رأتهُ وهو يتحسسُ الطريقَ بقدمين مثقلتين وعين تلُوكُ الدمع تسكبهُ تارةً وتستسقيهِ إلى محاجرها تارةً أخرى. أتت إليهِ مسرعة لتزيدَ من نِكايةِ جراحهِ المفتوحة.

قالت: أراكَ وقد عدتَ إلى نفسِ المكانِ الذي خذلتكَ فيه، لتأكدَ لي بأنَّ الوفاء لمثلي ضرورة حتى لو لم أعطِك من مثلهِ القَدْر الذي يستحثُ فيكَ الرجوع، وتثبت لي على الدوام بأنَّك معي (في لقاءٍ دائمٍ ما بين وداعٍ ووداع).
ها أنتَ تعود لتقطف من ضعفك زهرةً تُهديها لعيدِ ميلاد انتصاري العاشر.

قال: بل جئتُ لكي أذرفَ آخر دمعةٍ حبستها في عيني، لأُطَهِّر بها خطيئةَ الأمسِ وأحمل الوفاءَ إلى غيرِ الوفاءِ وأدفنُهما معًا. جئت لأخبر جوارحي بأنَّ مخاض العامِ جَاءَ بطفلٍ قتيلٍ لم يحتفلْ بعيد ميلاد يومِهِ الأول، وأُسَجِّل آخِر حضور.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى