أدبشعر

عباءة الحب

 

مَـا انْـفَكَّ ذِكْـرُكَ يَـأْتِي بِـي وَيَذْهَبُ بِي

حَـتَّـى حَـسِـبْتُ بـأَنِّـي قَــطُّ لَـمْ أَهَـبِ

نَـفْحٌ مِـنَ الْـمِسْكِ أَذْكَـى رُوحَ كُلِّ نَدِيْ

وَأَيْـقَـظَ الـدَّمْـعَ فِــي أَحْـدَاقِ كُـلِّ نَـبِي

أَرْوِي؛ وَلَا تَـفْـقَهُ الـصَّـحْرَاءُ قَــوْلَ فَـمِي

فَـيَـا مَـدَى الْـغَيْمِ هَـاتِ الْـغَيْثَ وَاقْـتَرِبِ

لَــوْ كُـنْـتُ بَـعْـضَكَ مَـنْـسِيًّا فَـأَنْـتَ هُـنَا

فَـيْـضٌ مِــنَ الْـحُـبِّ فِـي بَـيْدَاءِ مُـغْتَرِبِ

عُـلِّـمْتُ مَـنْـطِقَ بَـحْـرٍ فِـي الْـعُلُومِ فَـيَا

فَـصَـاحَةَ الْـوَحْـيِ حُـلِّي عُـقْدَةَ الـرَّهَبِ

مَا الْخَطْبُ أَفْصِحْ؟ أَرَاكَ الْآنَ مَتْنَ أَسًى

يُــجَــادِلُ الْآهَ تَـأْكِـيـدًا عَــلَـى الــوَصَـبِ

رَتِّـــلْ حَـنِـيـنَكَ آيَـــاتٍ سَــرَيْـنَ عَــلَـى

بُـرَاقِ حُـبٍّ إِلَـى مَـنْ جَـلَّ فِـي الـطَّلَبِ

يَــا سَـرْمَـدِيًّا أَضَــاءَ الْـكَـوْنَ مِـنْهُ هُـدًى

وَهَـاشِـمِـيًّا يُـبَـاهِـي أَشْــرَفَ الـنَّـسَبِ

سَــنَـاكَ حَــاكَ لِـحَـرْفِي بُــرْدَةً وَفَـمِـي

مِـنْ رَشْـفِ كَـفِّكَ صَبَّ المَاءَ فِي اللَّهَبِ

مَـــا زَالَ يَـتْـلُوكَ وَجْـهًـا مُـسْـفِرًا نَـضِـرًا

حَـتَّـى أَصَـابَ خُـيُوطَ الـشَّمْسِ بِـالتَّعَبِ

يَــمْـتَـدُّ فِـيـهَـا إِلَــيْـكَ الْــحُـبُّ مُـبْـتَـهِلًا

مِــنْ أَوَّلِ الْـقَـلْبِ حَـتَّـى آخِــرِ الْـعَـصَبِ

رِسَــالَـةً لَـــوْ وَعَـتْـهَـا الـــرُّوحُ صَـاغِـيَـةً

لَاسْـتَـلَّتِ الْـحِـقْدَ مِـنْ حَـمَّالَةِ الْـحَطَبِ

يَــا أَمْـلَـحَ الـنَّـاسِ خَـلْقًا خَـيْرَهُمْ خُـلُقًا

وَأَطْـيَـبَ الـنَّـاسِ رِيـحًـا يَــا نَــدَى الْأَرَبِ

أَنَـــا تَــوَضَّـأْتُ مِـــنْ عَـيْـنَـيْكَ نُــورَ غَــدٍ

فَــأَوْرِدِ الْـحَوْضَ مَـنْ بِـالْحُبِّ قَـالَ: هَـبِ

وَغَـسِّـلِ الْـقَـلْبَ فِــي أَيْــدِي مَـلَائِـكَةٍ

تَـشْـفِ الْـحَـيَارَى وَتُـطْـفِئْ نَـارَ مُـكْتَئِبِ

أَحْــلَامُـهُـمْ نَــخْـلَـةٌ كَــفَّــاكَ رَوْضَــتُـهَـا

فَــعَــجِّــلِ الْآنَ لِــلــقُـصَّـادِ بِــالــرُّطَــبِ

نَـشْـتَاقُ رُوحَــكَ تَـدْنُـو كَــيْ تُـعِـيدَ لَـنَا

طُـفُـولَـةَ الْـفِـطْـرَةِ الْأُولَــى بِــلَا نَـصَـبِ

يَـا خَـالِدًا سِـيرَةً فِـي أَعْـيُنِي افْـتَرَشَتْ

عَــبَـاءَةَ الْــحُـبِّ إِذْ مُــدَّتْ يَــدُ الْـعَـطَبِ

“وَمَـــــا مُــحَـمَّـدٌ الَّا”؛ كُــلَّـمَـا تُــلِـيَـتْ

يُـهَـدْهِدُ الــرُّوحَ شَـوْقًـا صــرْفُ مُـنْتَحِبِ

مُــحَــمَّـدٌ فَـــاتِــحُ الــدُّنْــيَـا وَخَـاتَـمُـهَـا

وَأَكْـرَمُ الْـخَلْقِ شَـمْسُ الـصَّفْوَةِ الـنُّجُبِ

نِــدَاؤُهُ فِــي الـسَّمَاوَاتِ ارْتَـقَى عُـرَبًا

بِـمُـحْـكَمِ الــذِّكْـرِ تَـحْـنَانًا لِــذِي طَــرَبٍ

أَثَّــثْـتُ فِـــي الْـقَـلْـبِ مِـحْـرَابًا أُوَجِّـهُـهُ

تِـلْـقَاءَ حُـبِّـكَ؛ حُــبَّ الْـجَـدْبِ لِـلْسُحُبِ

خُـذْنِـي إِلَـيْـكَ يَـتِـيمًا كَــمْ أَحِــنُّ إِلَــى

أُمِّـي خَـدِيجَةَ كَـيْ أَدْعُـوْ الـرَّسُولَ أَبِي

خُــذْنِـي؛ إِلَــيْـكَ فَــهَـذَا وَاقِـــعٌ شَـــرِهٌ

بِـالْـمَوْتِ كَــمْ أَرْهَــبَ الـدُّنْيَا وَلَـمْ يَـتُبِ

تَـدَاخَـلَتْ بِــي أُحَـاجِيُّ الـصُّرُوفِ مُـدًى

و أَمْـعَـنَتْ بِــي مَـآسِـيهَا لِـتَـفْتِكَ بِــي

أَبْـكِيكَ أَمْ أُرْسَـلُ الـدَّمْعَ السَّخِيَّ عَلَى

حَـــالٍ تَـشَـنَّـجُ تَـشْـكُو سُــوءَ مُـنْـقَلَبِ

أَبْـكِـيـكَ أَمْ أَشْـتَـكِـي الـدُّنْـيَـا بِـرُمَّـتِـها

مِــنْ قَـسْـوَةٍ فُـصِّـلَتْ قَـبْرًا لِـكُلِّ صَـبِي

أَبْــكِــيـكَ وَالْـــغَــمُّ دَهْـــــرِيٌّ بِــأُمَّـتِـنَـا

هَـلْ مِنْ سَبِيلٍ وَقَدْ ضَلَّتْ خُطَى الْعَتَبِ

مَـــا أَمْــعَـنَ الْـكَـرْبُ إِلَّا قَــالَ ذُو رَشَــدٍ

يَـــا غَـابِـرَ الْـمَـجْدِ أَدْرِكْ حَـاضِـرَ الْـعَـرَبِ

فِــي هَــدْأَةِ الـنَّـصِّ هَـبَّتْ ثَـوْرَةٌ بِـدَمِي

تَـصِـيـحُ بِــالْأُمَّـةِ الْـثَّـكْـلَى أَنِ انْـتَـدِبِـي

أَرْوَاحَ مَـــنْ بَـايَـعُوا غَـيْـبًا وَقَــدْ حَـضَـرُوا

فِــي بَـيْـعَةٍ أَهْـلُـهَا مِــنْ خِـيـرَةِ الـرُّتَبِ

لِـبَـيْـعَةٍ؛ وَبُــطُـونُ الْــقَـوْمِ قَـــدْ فَـرَقَـتْ

فَـمَـنْ يُـعـيدُ سَـلـيبَ الـحقّ بِـالْغَضَبِ؟

لَقَدْ طَغَى الظُّلْمُ حَتَّى ابْيَضَّ رَأْسُ فَتًى

رَجَـــاؤُهُ فِــيـكَ رَبَّ الْـعَـرْشِ لَــمْ يَـخِـبِ

تَـعَـلَّـمَ الـصَّـبْـرَ مِـــنْ أَيُّـــوبِ حَـسْـرَتِـهِ

يَـقِـيـنُهُ فِــيـكَ لَــمْ يَـفْـزَعْ إِلَــى هَــرَبِ

أَيُــبْـصِـرُ الــنَّـجْـدَةَ الْــكُـبْـرَى لِـتَـغْـمُـرَهُ

مِـنْ بَـعْدِ مَـا اغْـرَوْرَقَتْ عَـيْنَاهُ بَالحَدَبِ؟

هُــوَ ابْــنُ أُمِّــي؛ وَلَــمْ تَـذْبُـلْ طَـهَـارَتُهُ

فَـاسْأَلْ لِـتَعْرِفَ؛ هَـذَا الـطِّفْلُ مِنْ حَلَبِ

وَقَـبْـلَـهُ إِخْـــوَةٌ فِـــي الْـقُـدْسِ طَـائِـفَةٌ

هُـــمْ ظَــاهِـرُونَ وَمَــا لَانُــوا لِـمُـغْتَصِبِ

فَـهَـلْ عَـنِـتُّمْ؟؛ وَتَـرْضَـوْنَ الْـقِـيَادَ لِـمَـنْ

غَــلُّـوا لِأَحْـمَـدَ مَــدَّ الـدَّهْـرِ وَالْـحِـقَبِ؟

وَتَـسْـتَـبِيحُونَ مَــا يَـنْـهَاكُمُ أَسَـفَـى

وَفِـيـكُمُ الــدَّمُ بِـئْـسَ الْـحَـالُ لِـلـرُّكَبِ؟

إِلَـى مَـتَى؟ جَـدِّدُوا الْإِسْـلَامَ وَاجْتَمِعُوا

مَـزَّقْـتُـمُ الــدِّيـنَ بَـيْـنَ الْـهَـزْلِ وَالـلَّـعِبِ

ضَـيَّعْتُمُ الـدَّرْبَ فِـي حِـضْنِ الْخِلَافِ فَمَا

الَّـذِي جَـنَيْتُمْ سِوَى الْإِيغَالِ فِي الْحَرَبِ

وَصَــوْتُ يـاسـينَ فِـيكُمْ كَـالْغَرِيبِ مَـتَى

أَقْـدَامُـكُـمْ تَـتَّـبِـعْ نَـهْـجَ الْـهُـدَى تُـصِـبِ

مِــــنْ سُــنَّـةٍ إِرْثُــهَـا الْــبَـرَّاقُ لَـمْـعـتُهُ

كَـلَـمْعَةِ الْـمَلْمَسِ الـدُّرِّيِّ فِـي الـذَّهَبِ

مِــنْ سُـنَّـةٍ يَـسَّـرَت نَـصًّـا قَـدْ اخْـتَلَفُوا

عَـلَـى تَـفَـاسِيرِهِ سَـعْـيًا إِلَــى شَـغَـبِ

نَـعَـمْ، أَظُـنُّـكِ يَــا رُوحُ اشْـتَـعَلْتِ قِــرَىً

لِأَجْــــلِ طَـــهَ وَهَـــذَا أَبْــلَـغُ الـسَّـبَـبِ

يَــا لَـيْـتَنِي كُـنْـتُ ظِـلًّا لِـلسَّحَابَةِ كَـيْ

أُظِــلَّـهُ مُـؤْنِـسًـا مِـــنْ قَــسْـوَةِ الْـنُـوَبِ

عَـامٌ مِـنْ الْـحُزْنِ زَالَ الْـحُزْنُ حِـينَ رَأَى

نُـــورَ الْـجَـلَالَـةِ فَـاسْـتَـرْضَاهُ فِـــي أَدَبِ

فِـي سِـدْرَةِ الـشَّوْقِ مَـا ضَلَّ الْفُؤَادُ إِذَا

رَأَى الْــكَـمَـالَ جَـــلَالًا دُونَــمَـا حُــجُـبِ

كَـاثْنَيْنِ فِـي الْـغَارِ قَلْبِي؛ طَافَ حَوْلَهُمَا

يُسَبِّحُ اللَّهَ هَلْ فِي الشَّوْقِ مِنْ عَجَبِ؟

فِـي الْـغَارِ، وَالْمُصْطَفَى الْمَعْصُومُ أَرْقُبُهُ

شَـكَـوْتُ، هَـدَّأَ رَوْعِـي؛ فَـانْتَهَى تَـعَبِي

عُـذْرًا سَهَوْتُ إِذِ اسْتَرْسَلْتُ فِي وَجَعِي

شَـرْحًـا أَمَـامَـكَ يَــا ذَا الْـقَدْرِ وَالْـحَسَبِ

مُـحَـمَّدٌ أَنْــتَ تَــاجُ الْـخَـلْقِ قُــدْوَةُ مَـنْ

تَــبَـوَّأَ الــضَّـوْءَ يَــرْجُـو خَــيْـرَ مُـنْـتَـسَبِ

تَحِنُّ نَفْسِي؛ وَهذِيْ الرُّوحُ قَدْ خَشَعَتْ

فَـرَافَـقَـتْـكَ كَــظِــلٍّ مَـــا بِـــلَا رِيَـــبِ

جَـثَا الْـمَدِيحُ إِذِ اسْـتَدْعَى الْـقَصِيدَ فَلَمْ

يُـحْسِنْ؛ وَدُونَـكَ قَـلْبُ الـطِّفْلِ لَمْ يَطِبِ

يَــا ذَا الـشَّـفَاعَةِ صَـفْـحًا مِـنْـكَ أَطْـلُـبُهُ

وَأَنْـــتَ أَكْـــرَمُ أَهْــلِ الْأَرْضِ فَـاسْـتَجِبِ

بي لثْغَةُ الطَّفْلِ لَا تَخْفَى؛ وَخَفْقُ دَمِي

هَـــذَا، أَعُـــوذُ بِــرَبِّـي مِـــنْ دَمٍ كَــذِبِ

أَنَـــا رَجَــائِـي مِـــنَ الـدُّنْـيَـا وَجَـائِـزَتِي

فِــي الْـخُـلْدِ جَـارَكَ أَغْـدُو سَـيِّدَ الْـعَرَبِ

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى