وأنا السّجين في قفص السّلطان، وأنا السّجان في سجون الأوطان، أنا كلّ الشعب النازح خلف القضبان، أنا جذور الزيتون الذي لا يساوم على قطع الليمون والبرتقال، أنا جدّ هذه الأرض الصّامد الذي يروي من دمهِ كلّ التّراب، أنا الخمسون والستون والسبعون من عمر مقاوم، ذكرياته أوتارٌ لآلة العزف على الجراح، وأمنياته أقمار يتراقص على قيثارة أجسادها التتار.
وأنا أتسلّل من ذاتي متعباً أبحث عن منازل الأقحوان، أصحو تارةً من إغفاءة الشّتات، من زوايا المرايا، من صوت الضّباع ونباح الكلاب؛ كي أزيح عن المسافات خناجر اللئام، وأقلّم عن الطّريق أشواك السياسة بما تبقّى بي من رماد الإنسان.
كلّ عصافير بلادي ترتجف، وسراج الشّمس لا يمنحها الدفء ولا الأمان، وإن يعلوها قمرٌ مضيءٌ تحته عينان نضّاختان.
كلّ التآمر تسلّل من عيون الصّمت، فجّ رؤوس الطّين واحتلّ رقصات الموت على استقلال الأرض، وأنا ما زلت أحتسي الجوع من كأس وطني المتبقي، وإنّني في انكساري السّكران تجديد انتصار. إنّني في عشق الضّياع الواله بي أبحث عني في ظلال البقاء.
إنني حيران في ميزان كفّيها المتجعدتين، مرتعشٌ جسدي في جسدها وقد اشتعل فيه الّليل كالضّرام، يذوب لبّي دماً، ترتخي أوصاله في الرّيح مع صفيرها المزمجر، كلّ لحنٍ فيه يتضوّر كالنخل صبراً، كأنني كلّ يومٍ في شأنٍ، كأنني أتوزّع ممزقة في كلّ مكان.
فيا ذاكرة وطني الحيّة، أعيدي ليَ ولو نصف الكيان، كي تستيقظ الحجارة وعياً، عبر كل خطوة من عصب الزّمان.
مللنا النكبات، وصمت الأتربة، وصفر الأمس في جوارير الغد. أتعبتنا الفوانيس الخافتة، وتذكرة الأحزان تأشيرة الدخول خمراً، كي ننسى الهوية في حالةٍ من الهذيان على جدار الغربة ما بين الضفة وأختها التي في الحصار.
فأين القضية وبطاقتها العربية؟ هل مازالت في علبة ثقاب محكمة الإغلاق؟ أم تنتظر عصا موسى لتحيي بها الأموات وتعيد نبض الضّمير والوجدان؟ بل وأين أنا؟ وهل سأظل أعصرني مرارة في حلوق الألم والأمل والنسيان؟؟
جهاد بدران تكتببن الزبرجد بأيقونة الحقيقة تتراشق بالواقع المر على ضفاف الروح الحسيرة .. لله درك من درة تلتمع بالجمال في سماء الابداع..
وجدان خضور، تقرأين بعيون تتلألأ ضياء، من واقع يرشح وجعاً وينزّ ألما، وما القلم إلا سفير الشعراء والأدباء، وطبيب القلوب التي تعجز عن الحراك؛ وما الحرف إلا بريد الصوت الصامت المنغمس بين دياجير الظلام..
مرورك كالرياحين في أوج الربيع..
بورك بك وحفظك ربي ورعاك
مقال يقطر الما وحزنا ودما كلمات موحية دالة يظهر فيها الكاتب الأوجاع كما يظهر النكبات تلو النكبات المعنى عميق عمق القضية الفلسطنية وشعبها الأبي الكاتب ينسجم مع الكلمات ويلتحم كأنه قطعة من النص المغزى عاطفة الكاتب صادقة أبوبكر معلم وكاتب القصةوالمسرح للاطفال الجزائر
الأستاذ الراقي أبو بكر خليل، جزاكم الله خيراً لمروركم الراقي وتوقيعكم الفاخر، الذي يدل على صفة أهل الجزائر الذين منذ خلقنا وهم يساندون القضية الفلسطينية وأرواحهم على الأكفان مجبولة من دم الشهداء الذين وقفوا في وجه المحتل في بلادهم، فكانوا رمزاً لمعنى الشهادة في سبيل الله. ورمزاً لمعنى الكرامة والحرية.
وما نحن إلا دعاة حق تصارع المحتل بكل ما تملك، كي تبقى تتنفس من عبق الأقصى معالم الجهاد في سبيل الله، ونحن ندوس على الجراح المملحة بالصبر الجميل، وإن امتلأت نزف دماءنا وجه الأرض، فالجراح درّبتنا على أوتاد المقاومة، وأنه مع كل جرح شهيد يولد ألف بطل لا يهاب إلا الله..
شكراً لهذا الحضور المزهر المكلل بعشق بلادنا الحبيبة، ولكل جزائري حرّ يساند فلسطين.
تحية تقدير واحترام وامتنان لكم وما نثرتم من ضياء..