يـا لـعنةَ الأرض ثـوري فـي مـواعيني ضـمـيـرُ هــذا الـمـدى ديــنٌ بــلا ديــنِ رتـبـتُ بـاسـمكِ آيــات الـبـكاء عـسى أن يـتـقـن الـمـلـحُ أســفـار الـشـعـانينِ ويـخرجَ الـصوتُ من فانوس وحدتِه فـي حيرة الوحيِ بين الشام والصينِ رتـبـتُ مــا تــرك الـطـوفانُ مــن دمِــه بـيـن الـسـكارى ومــا ألـقـتهُ حـطـيني ومــــا تـلـقَّـتـه أشــبــاح الـصـغـارعـلى ذيـــلٍ تــمـدَّد فـــي أحـشـاء صـهـيون مـشـيتُ خـلـفي كـأنّـي لـستُ أتـبعني عـلـى الـضـحايا وأشـلائـي سـكاكيني وعـــــدتُ أدراجَ أفـــكــاري تـمـزِّقـنـي تـغـريبةُ الـعـصر بـين الـحين والـحين مـشيتُ خـلفي، أمـامي، دون مرضعةٍ تـلـمُّ مــا نـفـثَ الـطـاعون فـي طـيني مـشيتُني مـا مـشيتُ الـليل أدهـشني أنَّ الــطــريـق إلــيــك الآن تـمـشـيـني وأنَّ كــلَّ خـطـى فــي الــروح تـبـعثها مــواجـعـي تــتـلاقـى فـــي قـرابـيـني فـقـرِّبـيـنـي إلـــــى عــيـنـيـك ثــانــيـةً قـبلَ اخـتناق حـروفِ الـهمسِ واللين وقـبـل أن يـضرب الأعـصابَ مـنتحلٌ زيَّ الــنــبــوةِ أو زيــــــف الــفــراعـيـنِ وقـبلَ مـيلادِ عيسى في صليبِ هوى يـعـيـد تــاريـخ رومــا فــي الـمـوازين وأبـعـديـنـي عــــن الــدنـيـا ونــزوتـهـا وقـربـيـني وزيـــدي فـــي شـيـاطيني وأغـرقيني وصـبِّي فـي الـعيون دمي فــلـم أعـــد مـثـلـما تـدريـن ذا الـنـونِ وذوبـيـني بـفـيض الــروح وانـتـشري مـــلءَ الـجـنـون بـأحـقادي وداويـنـي فـقـد تـوضـأتُ بـالمعنى الـجديد ومـا عــادت إلــى ذكــرِ أجـدادي دواويـني كـسـرتُ طـيـنَ غـوايات الـذين طـغوا في أضلعي ورميتُ الحرب عن ديني وقـلـتُ لـمّـا سـقطت الآن فـي رئـتي: لا الـتـينُ تـيـني ولا الـزيتونُ زيـتوني ولا اعـتـباراتُ هــذا الـكـون تـسعفني بـقـيـئـها والــمـرايـا جــــرحُ تـكـويـني مـشـيت خـلفَ/أمامَ الـجرح تـسبقُني خـطـيئتي وأنــا مــن حَـيـرتي دونــي |
يا لهذا الوجع الذي يسكب الملح على بقية الجروح، فيفيض معها أنّات بلادي من قعر ترابها، ويغتسل زيتونها من تراكم غبار المارّين بلا سلام ولا خطى..
قصيدة معظم طياتها من وجع حطين، وسِفرها قد كُتب من معين الجمال والرقي، مصحوباً بصرخات الأرض الثكلى، وهي تناشد الخلاص من الآثمين الذين يتراقصون على أديمها الأحمر…
قصيدة بارعة النسج متينة البناء، تصوير بارع يحمل بين ثناياه تشويقاً يندس في جسد الواقع مما دفع من مفردات اللغة تحريكاً يوافق الحس الداخلي والخارجي، في ترابط واتقان مع روح القصيدة، لترتفع معها نسبة الانفعال الغارقة بين مسامات الوطن، من خلال كثرة الأفعال المضارعة التي تجعل الاستمرارية حية قلب الحدث، من خلال تصادمها بالواقع الذي كان سبباً في تحريك منابت البوح بما يتلاءم مع الأزمة الحالية والتي قضّت مضجع الشاعر وأثارت لغته الإبداعية، والتي جسّدت المشاعر بتجسيد محكم، يصور عبره الفكر الناتج ورؤيته الفكرية وفق مساحة اللغة المتينة ذات السبك المتين وما تحمل من صور ذهنية بارعة…
بورك هذا القلم بما حمل من إبداع
وفقكم الله ورعاكم