ضَـبابٌ كـرَأسِ الدُّجَى المُطْرقِ كـنَوْءِ الـضَّنى الواصِلِ المُغْدِقِ يُـنـازعُني جَــدوَلَ الـقـهقهاتِ يَـحُـطُّ عـلـى قَـلبِيَ الـمُشْفِقِ أنـا مَـعْقِلُ الـوجَعِ المُستطِيلِ وَحَـقلُ الأسى الغامِضِ الشيِّقِ عَـهِدْتُ إلـى الـحرْفِ بالأمْنِياتِ أخــذتُ عـلـى غَـيْمِهِ مَـوْثِقي ومــا خــانَ عـهْديَ بـلْ إنَّـني رَكَـنْتُ إلـى الـضَّجَر الـمُحْدِقِ تـجَنَّبتُ كُـلَّ المتاهاتِ حتَّى تـوَغَّـلتُ فــي دَرْبِــهِ الـضيِّقِ تـوَضَّأتُ مـن مـائِهِ الـمُسْتباحِ تـسَـرْبلتُ فــي ظِـلِّهِ الـمُحْرقِ وأنـفقْتُ فـيهِ مِـن الجَهْدِ حتى إذا نَـفـقَـتْ حِـصَّـةُ الـمُـنْفِقِ تـلَفَّتُّ نـاحِيَةَ الـوقتِ أسْـعى عـلـى ســاقِ مُـغْتربٍ مُـخْفِقِ فـاَينَ الـطريقُ وَأيـنَ الـجِهاتُ؟ وأيـــنَ بِـخـارطَـتِي مَـشْـرقي؟ غُــبــارُ الــرَّتـابـةِ لا يـنْـقـضِي يَـهُـبُّ عـلـى الـزَّمَنِ الـرَّيِّقِ فـتَشحُبُ فـي جَوْفِهِ كلُّ ذِكرَى أحِــنُّ إلــى وَجْـهِها الـمُشْرقِ شَـرِقْتُ مِـنَ الصُّوَرِ الرَّاقِصاتِ عـلى الـعينِ والـصَّدرِ والمَفْرقِ ومِـن شَـهْدِ ذاكـرتي المُشْتهى ومـن صـمْتِ خاطرتي المُطْبِقِ ومِـن نَـوْحِ هذا المساءِ الجَريحِ ومن كَدِّ هذا الضُّحى المُمْلِقِ أجِـئتُ إلـى الـبحر كيْ أستريحَ؟ أمِ الـمَـوجُ فـي لَـهْوهِ مُـقْلقي؟ أمِ الـرَّملُ في بَوْحِهِ مُضْجري؟ أمِ الـبَحرُ فـي لـحظةٍ مُـغْرقي؟ أعَــابـرَةٌ نَــجْـدَةُ الـقـافِـيَاتِ؟ أمُـجْـدِيَـةٌ لُــغـةُ الـمَـنْـطِقِ؟ وكــيـفَ يَـلِـذُّ أريــجُ الـخَـواءِ لِـمُـرْتـشِفٍ مِـنـهُ مُـسْـتنْشِقِ؟ وكـيـفَ تُـضـيءُ الـنجومُ الـتي تُــطـلُّ عــلـى أفُــقٍ مُـبْـرقِ؟
أنــا أنــتَ يــا قـلـبُ! لا نَـتَّقي هـسيسًا مـنَ الـشجنِ الأعـمَقِ كِـلانـا عـلـى الأرضِ لا نَـدَّعـي صُـعـودًا إلــى عُـنُقِ الـمَضْيَقِ ولا نُــسْــتَـثـارُ ولا نُــسْـتَـفَـزُّ ولا نــسْــتـقِـرُّ ولا نــرْتــقــي وهــذي سـرابـيلُنا مـن سُـكونٍ ومــن صـخَبٍ خـافتٍ مُـطلَقِ وهذي خُطانا على الدربِ ولْهى تــدِبُّ إلـى الـمَهْمهِ الـمُلْحَقِ بــأيِّ عُـروشِ الـرضا نـسْتظِلُّ ومـــن أيِّ أنــوائـه نـسْـتـقي أسـيران نـحنُ بسِجنِ الخطابِ ومُـجْـتمَعِ الـكَـفِّ والـمِـرْفَقِ لـنـا حَــقُّ رأْبِ الـعباراتِ لـكِنْ عـلـى شَــرْطِ مُـلتمَسٍ مُـسْبَقِ ولا نـتـمـلـمَـلُ إلا احْــتـرقـنـا بــراجــمــةِ الـــعَــذَلِ الأزرَقِ أسـيرانِ فـي مَـجْلِسِ الطاعَتينِ ومُـنـتجَعِ الـكـأسِ والـمِـنْطَقِ لـديـنـا بــزاويـة الأمـــر رُكــنٌ رقــابُ الـرُّؤى فـيهِ لـم تُـعْتَقِ نُــهَـيِّـئُ ألــوانَــهُ الـمـنـتقاةَ نُـوَشِّـيهِ وفْـقَ هـوى الـمُنْتقِي ونَـسمَعُ صـوتَ المُقِلِّينَ يَأوي إلــى مـخْـدَعِ الـحذر الأخْـرَقِ وخـلفَ زجـاجِ الـشتاءِ الـكئيبِ نُـجـادِلُ فــي الـمـطرِ الـمُهْرَقِ نُـسـافرُ فـي هَـمسَةِ الـحالمينَ وفــي لَـهَـفَةِ الـعـائدِ الـمُرْهَقِ وفـي ضَـحْكَةِ الصِّبْيةِ العابثينَ وفـــي أنَّـــةِ الـبُـلـبُلِ الأبْـلَـقِ تُـرانـا فـقدْنا احْـتِدامَ الـشعورِ كــأنَّـا لِــذلِـكَ لـــم نُـخْــلَـقِ قـرأنَـا الـوجـودَ فـلـم نَـخـتَلِجْ رأيــنـا الـجـمالَ فـلـم نَـشْـهَقِ عَـبَـرْنـا الـظـلامَ فـلـم نـنـتشِرْ شَـربْـنـا الـفـراغَ فـلـم نـشْـرَقِ ومــا لِـمُعانقةِ الـشيءِ مـعنى إذا انْـسَـلَّ مـن وَجـعٍ أحْـمقِ
أشِــحْ بـمُـحَيَّاكَ… لا تـفـسُقِ وغـادرْ حـصونَ الصَّدى وامْرُقِ حَــصــا أمّ ِعـيْـنِـكَ لا تــرْمِـهِ زجـــاجَ الـفـوانـيسِ لا تـرْشُـقِ سُـيـوفَ الـمـواعيدِ لا تـمْتشِقْ جــيـوبَ الـفـساتينِ لا تـرْمُـقِ وكـنْ طـائرًا فـوق جِـذعِ الهوى ورفــرفْ عـلى غـصْنِهِ واخْـفُقِ وكــنْ حـطبًا لـلجَوَى واحْـترقْ وأسْــبِـلْ دمـوعَـكَ.. لا تـخْـنُقِ وألْــقِ الـبَـنفسَجَ عــن عَـرْشِـهِ وإن مـــدَّ أعْـنـاقَـهُ فـاشْـنُـقِ وحَـــرِّق رسـائـلَـكَ الـفـاتناتِ وتــحـتَ رمــادِ الـكـلامِ ابْــرُقِ وبَـعـثِرْ هـداياكَ فـوقَ الـطريقِ وشَـــرِّد حُــروفَـكَ.. لا تـرْفُـقِ وإمَّـــا سَـألـنـاكَ لا! لا تُـجـبْ وإمَّـــا أجَـبْـتَ فــلا تَـصْـدُقِ فـنحنُ بـنو الـريحِ والـرَّاحِ كـمْ حـمَـلنا الـهـواءَ عـلـى الأيـنُـقِ ونِـمْنا عـلى وَشْـوَشاتِ الرِّمالِ ونـجْـوى الـخـفافيشِ لـلأعْـنُقِ ولـم نـصْحُ حتى تعرَّى المساءُ فـلـم نـسْكُنِ الـضوءَ أو نـطْرُقِ |