غمست أناملي في خصر النجمات وهي تتراقص على مسرح الليل الصامت، ألهو بين ضيائها والشوق يغتاب القمر. تنشلني مني مصابيح السماء؛ من هدأة زفافَ زمنٍ غابت فيه شمس الأحبة،
وتوارت أنامل النور من لمس خد الليل المباغت بعد أن طرحتني الآلام وخلفي الغبار؛ لأمشي بلا ظلٍ وقد شربه الضوء عند أقدام الظلام. وها أنا ما زلت أنشودة في قعر قصيدة لم تلبس ثوب نص أو مسحة من دموع الأقلام.
فوق قارعة الرّيح ينزفني التّاريخ من أنفاس الخريف، يسبح بين أنامل الغروب، يقف فوق تجاعيد الضّياء فيسلخ نبضي من ثقوب الأحلام، وحرفي مشنوقٌ تمزّق من صلب الأفواه فامنحني زمنًا أقتات فيه أبجديات الشروق من شرفات الأحداق. أنزلُ من جبين غيمةٍ كنجمةٍ مضيئةٍ، أُدثّرُ حلم طفولتي بين عقارب ساعة وأهشّ عن خدي مساحيق الخريف المصفرّة بريشة طير. وعين الليل ما زالت ترقب جنين الضياء. يفيض سوادها من ضلعي الأعوج ليكتوي بنار غربة بعد أن تقعّرت مرآة قلبي من الجراح.
يا من زرعت في روحي شوق الضياء، وغرست بين ضلوعي شتائل الأمل ونواة الحياة، يا قامة حسن وجلال تتهادى على ضفاف الروح لتبتسم مدى الحياة. كلما دخلت محرابك تجلت عناقيد النقاء بين عيوني وتكحلت بأريج نبضك الدافق، فلماذا الجفاء عن رموش بدري وروحي تبحث فيك عن ظل أبي. أولست نخلة باسقة يتدلى منها عناقيد القوة وثمار الصبر وأوراق المسرة؟ أولست الذي أنجب من بياض الياسمين بسمة ومن حمرة الورد نبضة يوم أن نامت عيون المصابيح في ليلة ظلماء غاب عنها ظلي والقمر؟
ما بك لا تدحرج أطياف حبك نحو سروتنا التي ما زالت تنتظر اللقاء؟ ما عادت الياسمين تتفتح في عيون الليل إذ هي على موعد مع الشوق وحنين الأرض. سئمت الأيام وهي تتفلت بين أكوام الأحزان وتشتاق ولهاً لبسمة الأمل بين عيون الأمنيات. وها أنا جئت محملة بالفضاء أنثر فوقك عطر الحنان كي تدق بيني وبينك أوتاد أول بسمة عند أول اللقاء.