صعدت إلى سطح العمارة، جلست على كرسي معطوب. ظلمة دامسة تتحسس ملابسي. حاولت أن ألملم ما تبقى من أفكار تائهة. هواجس متمردة تقيس نبضات قلبي. رقصات الخوف تستفز جسمي، دم دافئ يغلي في الداخل.
جلست أقرأت ما حولي. نظرت إلى السماء. صرخت. أطلت النظر، مددت يدي نحو الأعلى وباعدت بين أصابعي، رياح باردة تمر خلسة.
قلت: من هنا يمكن لمس السماء، أتحسس الغيوم التائهة. أنت أيتها النجيمة، منذ مدة وأنا أنتظرك، ما لك تحدقين؟ ما أظن أن أجدك غداً في نفس المكان والزمان.
قالت: هات الورقة واكتب، دون وحول غياب الكلمات إلى عشق ثائر، وتذكر؛ ما أنا إلا طيف يسكن خيالك.
قلت: إني أجيد الكلام. أقده من صخر الألفاظ، بل أنا بحر بلا ضفاف.
في هسهسة ميتة، فضفض قلبي أخرجت من سترتي قصيدة مشاغبة. أقرأ وأنا أخطو، أتوقف، أمضغ الكلمات في نفسي، أصرخ، صوتي يلامس سطوح الجوار، وأنا أحاول أن أولد الحركة المناسبة للمعنى. لكن .. سكت الفكر، وتصلبت الألفاظ على لساني، فأصابني الدوار. راودتني ريح عاتية، بل روضتني. كنت أهوي وقلبي معلق بين السماء والأرض.
في الدرب الضيق، أناس أحاطوا بي. رأيتهم يعدون للموت صهوته البيضاء، والنساء يصرخن بنواح يسف التراب.