أدبنثر

غَزْلٌ وَنَقْضٌ

أيّتها الشّجرة المغروسة في حديقة كينونتنا تمتصّ الماء من جذور تغلغلت في عمق الزّمان، ولا تحتاج فروعها إلى السّقاية مهما مرّ عليها من أيّام.. نراك مرّةً باسقةً، وقد بنَت عليها عصافيرُ الفكر أعشاش الأحلام، ومرّاتٍ مائلةَ الأغصان لحملٍ تنوء به الجبال.

نمضغ ثمارك ونلقي ببذورها في ترب النّسيان، فتعاودين الإنبات شجرة جديدة في ثرى الأفكار دونما رعاية أو اهتمام… ونقضي السّاعات نتمنّى اجتثاث الفرع وقلع الأصل، فلا نفلح بإيجاد منشار، ولا تقوى اليد على الاقتلاع.

فما أطول أيّامك يا شجرة الذّكرى! ففيك يرغب بالدّيمومة من حظي بحلو الثّمر، وجدل بيديه جدائل تحقيق الحلم، ونمَت في حديقة أيامه فسائل الأمل. ومنك قد يهرب مَن أمسكَ بحبل الوهم ردحا من زمن، وأحكمَ ربطَه بجذعٍ منتظرا أن تساقط أغصانُه ثمار المنى. وتحت ظلّك ناخ من لم يحظَ بالثّمر؛ مجترّا علقم الأمنيّات التي حفرها على جذعك، وأزالت معالمها يدُ القدر. وتظلّ أغصانك ناشرة ظلّها على الفكر حتّى تستلم الرّوحَ يدُ الرّحمن، فتريحه من عناء غَزْل ونَقْض ما كان.

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى