دراسات

ملامح مشروع إصلاحي نهضوي

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت"

مقدمة

    ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود برواية أبي هريرة:”إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها”.. فالتجديد سُنة ربانية لهذه الأمة.. حيث يتعهد الله تعالى حياة المسلمين بالرعاية والتجديد.. فدين الله قد كمُل، بإكمال نزول الرسالة على محمد صلى الله عليه وسلم.. وقد قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا﴾ المائدة3، فما الذي يتجدد إذن؟!

يتجدد أمر العمل بتمام هذا الدين الجليل.. ومن خصائص هذا التجديد الإصلاح والتقويم والتطوير، إنه تتمة وإضافة وتراكم لما سبق وقدّمه المجددون والمصلحون على مدى الأجيال ومدار القرون، وليس هدمًا لكل ما سبق أن كان.. فمن عظمة الدين تراكم هذا الأثر الإصلاحي حتى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بِنَاءً فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ، فَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا بِنَاءً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِلا مَوْضِعَ هَذِهِ اللَّبِنَةِ، أَلا وَكُنْتُ أَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةَ”. فلم يهدم الإسلام البناء النبوي الرسالي الذي سبقه، بل على العكس جاء الإسلام وجاء نبي الإسلام تتمة لهذا البناء.. فإذا كان هذا هو شأن الدين، فما بالنا بدور الإصلاح والتجديد؟.. إنه إضافة وتطوير وتجويد لما هو قائم، وإصلاح وتقويم لما اعوَّج أو حاد عن الطريق.. إن هذا الاستكمال والاستمرار والإضافة والتطوير هو ما يصنع التراكم الحضاري.. فالحضارة الإنسانية لا تُصنع إلا عبر هذا التراكم المتوالي طبقات بعضها فوق بعض.. وهذا التراكم الحضاري يمهد الطريق أمام عمارة الإنسان للأرض على هدي رباني حكيم.. إن سُنَّة التجديد تفتح أمامنا آفاقاً من التدبر والتأمل والتفكير، فثبوت كمال الدين مع استمرار التجديد يدفع إلى مفهوم الإصلاح وتطوره.. فالدين ثابت والإصلاح قابل للتجديد والتطوير على الدوام.. ثم ماذا نفهم من قوله صلى الله عليه وسلم:”على رأس كل مائة سنة”؟ هل يمكننا فهم أن دورة الإصلاح والتجديد تستغرق قرناً كاملاً من الزمان؟ ثم تدركنا السُنَّة الربانية فيخلف جيلٌ جديد من الإصلاح الجيلَ السابق؟ وهل نفهم أن وسائل إصلاح كل قرن تختلف عن القرن الذي يليه، وأن ما يصلح لقرننا الحالي بثورته التقنية الهائلة لا يمكن أن يكون هو ما قام عليه التجديد في القرن السابق؟ مع التشديد على التراكم لا الهدم ثم البناء من جديد! وهل يمكننا أن نفهم أن عُمر الحركات والدعوات والمدارس الإصلاحية والتجديدية في حدود مائة عام ثم تشيخ وتنتهي أو تموت أو تسلم الراية إلى حركة تجديدية لاحقة وفق نظرية بن خلدون عن الممالك والدول؟

    إننا ننطلق من مفهوم تطوير الذات.. لا من مصطلح النقد الذاتي، لكون مصطلح تطوير الذات أكثر قبولاً للنفس.. فلسنا بصدد جلد الذات، وإنما بصدد “التربية عبر التكوين المستمر” أو تطوير الذات إلى الأفضل، وتجديد الوسائل والآليات، وتجويد الأداء، وتوسيع الرؤية للكون والحياة والواقع والمستقبل، والانفتاح أكثر على العالم من حولنا..

    والإصلاح مشروع ملك للأمة يعتمد على فكر وجهد وإبداع وابتكار أبنائها جميعًا لإنجازه في أحسن صورة ممكنة..

  • مفهوم الإصلاح
  • منطلقاته
  • أهدافه وغايته
  • مشروعيته
  • الحركة الإصلاحية بأوربا
  • ثقافة الإصلاح وآلياته
  • خصائص المشروع الإصلاحي النهضوي وملامحه

مفهوم الإصلاح

اُستخدم مصطلح الإصلاح في العمل الوطني المعاصر للتعبير عن التغيير البطيء المتدرج، باعتباره مفهوماً في العمل الوطني متناقضاً مع مفهوم الثورة التي تهدف إلى التغيير الجذري الشامل والسريع الناجز.

غير أن تطور مفهوم الإصلاح في الغرب مازال مرتبطاً بعصر النهضة الأوربي وهو نفسه متأثراً بحركة الإصلاح الديني”اللوثرية”.. ويقابل مصطلح الإصلاح في اللغات الغربية مصطلحان[1]، (reform) نشأ سنة1625م ومن معانيه تطوير جزئي ومتنامي في الوضع الاجتماعي “ضد الثورة”، وتعديل عميق في شكل المؤسسة بغرض تطويرها والحصول على نتائج أفضل.

ومصطلح(reparation) ونشأ في القرن الثاني عشر الميلادي، ومن معانيه إعادة إلى وضع جيد لشيء أصابه بالخلل والعطب، وإزالة واجتثاث لآثار التفسخ أو التآكل لشيء ما.. فالإصلاح من المنظور الأوربي “إعادة تشكيل” و”البحث عن وضع جيد”، و”حذف وتعويض”و”تعديل وتطوير”، و”إزالة ما لم يعد صالحاً للاستعمال”.. وكلها معاني يستوعبها مصطلح الإصلاح في القواميس العربية الذي يلخص المضمون في “إزالة ما يهلك ويفسد ويعوق ويعطل”[2]..

مفهوم ودلالات الإصلاح في القرآن الكريم: ورد لفظ الإصلاح في القرآن الكريم –بمشتقات فِعل أصلح وحده دون فعل صلح- في 22موضعًا بالصيغ الاسمية والفعلية..ومن دلالات الإصلاح في القرآن الكريم أنه وإن كان يتوخى المرونة إلا أنه مشروع علني يرفض السرية والتناجي باستثناء قضايا فردية واجتماعية معينة بنجوى الخير المتعارف عليها بين القوم.. ومن دلالات الإصلاح القرآنية إزالة الفساد وترسيخ للميزان بما فيه الميزان السياسي والفكري، وعدم بخس الناس أشياءهم المادية والمعنوية.. والإصلاح ليس فقط ضد الفساد، وإنما كذلك ضد الظلم بشتى أنواعه، فكل إزالة للظلم على المستوى الفردي أو الجماعي إصلاح والكل مدعو إليه ومشارك فيه.. والإصلاح في المجتمع المتمثل لتعاليم القرآن الكريم يُمارس على كافة الأصعدة فرديًا وجماعيًا، فهو سمة المجتمع المؤمن ومشروعه المفتوح والمستمر، فالإصلاح من المنظور القرآني شمولي عميق الجذور في الذات الفردية والجماعية، يستلزم المراجعة الدائمة وإعادة التزود الموائمة، فهو يجري في شرايينها مجرى الدم، إذ لا مجال لبقاء العضو الميت إذا ما استنفذت الطاقات اللازمة لإعادة الحياة له، ولا حل إلا بتره خشية سريان الموت إلى كافة الذات[3].. ويبقى جماع ذلك كله في قوله تعالى:”وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ “هود88

مفهوم الإصلاح الذي ننشده: هو العمل على محاولة النهوض بالأمة والرقي بمستواها على كافة الأصعدة وسد عجزها وحل مشكلاتها وإصلاح أعطابها واستبدال مواطن الخلل والفساد ومواجهة العجز والضعف في أوصالها.. عن طريق دراسة الواقع ورصد أوجه الخلل العاجلة ووضع الحلول على كافة المستويات استلهامًا لمخزون قيمنا الثابتة وتراثنا الثري مع اقتباس الوسائل الحديثة والتجارب النهضوية الحديثة والمعاصرة، لإنتاج نهضة وطنية محلية الصنع تجمع بين الأصالة والمعاصرة، توطن التجارب الرائدة ولا تمسخها بالتقليد السلبي، وإنما تستفيد بالعبر والخُلاصات مع الأخذ في الاعتبار ضرورات تباين وخصوصية البيئات المختلفة.. والتبشير بها مع استخدام آليات من أمر بمعروف ونهي عن منكر ونصح وتوجيه وإرشاد ودعوة إلى الخير، وتواص بالحق وتواص بالصبر، وتسديد ومقاربة وإبداع مستمر لإيجاد حلول ما يستجد من مشكلات في واقع الناس، بتعهد مستمر يتضمن التدريب على السلوك المرغوب وتعوده وممارسته”إنما الخُلق بالتخلق”، عن طريق الإلحاح في التوجيه وتقديم القدوة العملية”عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل”، واعتماد مسار حزمة الأدوات والوسائل والأساليب المكملة لبعضها البعض لتحقيق منظومة القيم، حيث تتضافر جهود المسجد والمدرسة والإعلام والأدب والدراما والسينما والمسرح والأغنية والفنون بكافة أنواعها والأندية الرياضية والاجتماعية والتجمعات النقابية والعمالية والشبابية في اتجاه متواز داع للإصلاح، مع احترام صارم للتخصص وتنوع المواهب والقدرات الإبداعية بحيث تعمل كل المؤسسات الداعمة للإصلاح (مؤسسات مجتمع مدني- أوقاف- مؤسسات حكومية رسمية) باستقلالية كاملة وتخصص يضمن لها الإجادة والريادة والإبداع، وفق هدف واحد كبير مشترك يصب في إصلاح”المواطن-المجتمع-الوطن”عقيدة وأخلاقاً وسلوكاً وثقافة وعلماً وعملاً، مع دعم ثقافة وسلوك التطوع أو العمل العام، وهي المصطلحات المعاصرة لمفهوم الحسبة والجهاد والدعوة إلى الخير والاهتمام بأمر الأمة..

هذا الطرح يدعو لتمكين قيم الإصلاح، وليس لتمكين الداعين إليه، وذلك باعتباره مشروعًا غير تنافسي داعم للجميع، وليس خصمًا لأحد، يسعى إلى زيادة رقعة الإصلاح وتغلغله في المجتمع من القاعدة إلى القمة، ولا يهدف إلى السيطرة على قمة المجتمع، وفق نظرية التغلغل لا العلو، والانتشار القاعدي وليس السيطرة الرأسية من القمة.. مع الدعوة الدائمة إلى تمكين الصالحين لا المصلحين، فدور المصلح الحق في التوجيه والإرشاد ورسم الرؤى العامة ووضع الأطروحات والاجتهاد في مواجهة المشكلات المتراكمة والناشئة أنفع وأحب إليه من شغل منصب تنفيذي يتناوب عليه الناس، ولذا كان المصلحون والمجددون عبر التاريخ قادة للرأي والفكر والعلم دون أن يكونوا حُكامًا وسلاطين، مع جعل الغاية تمكين الأمة، وليس التمكين من حكم الأمة، فالدول تموت وتدول وتتعاقب، والأمة لا تموت فهي باقية إلى قيام الساعة..

المنطلقات

يقول الأديب يحيى حقي:”فوجدت نفسي غارقاً في عصر النهضة الذي نقل أوربا كلها من الظلام إلى النور….. ورغم ذلك كنت أشعر دائماً أن في داخلي شيئاً صلباً لا يذوب بسهولة في تيار حضارة الغرب، فالفرق في الأثر الذي تتركه “روما” في القادمين إليها من الشمال والنازحين إليها من الجنوب، أن أهل الشمال ينبهرون بشمسها وحضارة عصر النهضة، أما أنا فقد وصلتها وعندي قدر أكبر من اللازم من الشمس.. عندي حضارة.. إن لم تفُق.. فهي تماثل حضارتها، وعندي دين هو نظام متكامل فيه الغناء”[4].. كما يقول مكرم عبيد[5]: “نحن مسلمون وطناً نصارى ديناً.. اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصاراً.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين”..  ويقول الأنبا يوحنا قُلته، نائب بطريرك الكنيسة الكاثوليكية: أنا مسلم ثقافة ووطناً ومسيحي إيماناً وعقيدة، والوحدة العربية هي أملنا ومصيرنا[6]..

فالمنطلق لمشروع الإصلاح النهضوي هو الإسلام، ولا ينافي ذلك فكرة المواطنة، ولا يتنافى مع ضرورة مشاركة المواطنين جميعاً في هذا المشروع.. فالإسلام كدين يجمع ولا يفرق في إطار التعاون على البر والاجتماع على الإصلاح والخير[7]، يُلزمنا بالثوابت ويأمرنا بمواكبة الحداثة والانفتاح على ثقافة وتجارب الآخرين[8]، ويحترم الخصوصية الثقافية، ويقبل التعددية الفكرية بتجلياتها ومظاهرها حتى اللغوية- حيث اللغة وعاء الثقافة-[9]، ويُثمن الاجتهاد[10]، ويحارب التعصب والغلو[11]، ويمنع الجمود والتحجر[12]، ليس ديناً طائفيًا ولا عنصريًا يمارس التمييز بين البشر، فشعاره في القرآن الكريم في آيات كثيرة”يا أيها الناس”، وفي السُنَّة:”كلكم لآدم وآدم من تراب”، وفي التاريخ المشرق حيث الخلافة الراشدة:”متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.. يا قبطي اضرب ابن الأكرمين قصاصًا منه وعدلاً”، وهو رحمة للعالمين وليس نبذًا لهم ولا استعلاء عليهم”وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، وشهادة أمته شهادة قوامة ومسؤولية هداية وتبليغ، لا تمييز ولا امتياز في الدنيا، ولا مسوغ لظلم البشر، وإنما عدالة مطلقة وإحسان إلى الخَلق “اعدلوا هو أقرب للتقوى”.. دين يحترم المواطنة ويجعلها أساساً للتعايش بين البشر[13]..

        هكذا نحاول ضبط بوصلة فهم الإسلام على المصدر حيث القرآن الكريم، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتطبيقه وصحابته رضوان الله عليهم!

إن قيم الإسلام الثابتة ومبادئه العليا لن يختلف عليها مواطن صالح فضلا عن مُصلح يروم الإصلاح، فهل يختلف البشر على قيم “العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى- الصدق والأمانة والحق والجمال والمساواة والرحمة والتعاون- والنظافة وإماطة الأذى، والكلمة الطيبة، وإشاعة المودة في المجتمع، والحفاظ على الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والنسل والمال[14]، ومحاربة الفساد والاستبداد والطغيان والظلم والجهل والتخلف بكل صوره وأشكاله”؟!.. إنها قيم إنسانية عامة حاكمة، فلن يُقر تجمع بشري يجتمع على إنسانية من أي درجة من درجات الرقي والتحضر باللصوصية أو الغش أو الخداع أو الكذب.. وهكذا.. هو مشروع ضد الطائفية والتقوقع والاستقطاب، والمنطلق الثاني من منطلقات مشروع الإصلاح هو “الوطنية”، أو توطين مشروعنا الإصلاحي.. عبر مؤسسات مدنية وطنية بكل خصائص وشروط المؤسسات المدنية..

إن أي امتدادات أُممية يحث عليها الإسلام[15] لا تمنع في ذات الوقت احترام القومية والوحدة الوطنية.. فتوطين المشروع لا ينافي عالمية توجهه، ولا عالمية الإسلام ذاته، مع احترام الخصوصيات الثقافية وتباين البيئات والأعراف الثقافية والاجتماعية، والاختلاف الطبيعي بين الحضارات القائمة على النشاط الإنساني، فحضارة تقوم على الزراعة تختلف عن حضارة بدوية تقوم على الرعي والتنقل، عن أخرى تقوم على الصناعة أو التعدين، أو التجارة.. والإسلام الذي قبل من ثلاثة أرباع معتنقيه من الشعوب أن تحتفظ بلغاتها الأصلية من غير العربية”لغة القرآن والصلاة والسنة النبوية وتعاليم الدين”، هل يفرض عليهم ما دون ذلك ما دام لا يُحرم حلالاً، ولا يحل حرامًا محكمًا من لدن رب العالمين؟!! إن توطين المشروع الذي ندعو إليه لا يتنافى مع الأخوة الإسلامية ولا التشوف الأُممي، ولكنه يأتي في إطار تعاليم الإسلام بجعل البر والخيرية للأقرب فالأقرب “الأقربون أولى بالمعروف”[16] يظهر ذلك في تجليات إسلامية شعائرية كثيرة مثل أولوية خروج الزكاة لفقراء البلد، قبل إخراجها خارج القطر[17].. ومثل جواز صيام رمضان وفطر العيد حسب رؤية أهل القطر الواحد إن اختلفت المطالع – رغم أن اتحادها رمز من رموز وحدة الأمة وقوتها-.. ومثل عرض لحوم الهدي والأضاحي في الحج على أهل البلد الحرام حتى استكفائهم قبل نقلها إلى عموم فقراء المسلمين في العالم.. أمتنا الإسلامية الواحدة وأخوتنا الإسلامية الجامعة لا تتنافى أبداً مع قوة وصلابة ووحدة القطر.. فإن الوطن أو القطر هو الوحدة أو النواة بالنسبة للأمة.. وصلابة النواة وقوتها أدعى لتكوين أمة أكثر قوة وصلابة.. الإصلاح وطني لا لتميز عنصري أو جنسي، ولا لخضوع لحدود أرضية مصطنعة، وإنما لنسيج شعب واحد تاريخ وتراث وحضارة وحاضر ومستقبل ومصير مشترك ومتشابك.. فالوطن هو وحدة البناء، ومحلية المشروع لا تنفي الالتقاء مع أمثاله في الأقطار المختلفة على أهداف عُليا مشتركة أو متقاربة، بل من الروعة بمكان أن يأخذ المصلحون في كل قطر مسلم من هذه الملامح ما يناسب مجتمعه ووطنه ليبني عليه منهجاً إصلاحياً، فالمحلية أول طريق الإقليمية ومن ثم العالمية، ونجاح المشروع في قطر مبشر بنجاحه في الأمة..

أهدافه وغاياته

أما غايته الكبرى فهي التمكين للأمة لإقامة النهضة الكبرى في جميع المجالات، النهضة التي تجعلنا في مقام الريادة قيميًا وأخلاقيًا، وعلميًا وتقنيًا وثقافيًا، واقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، ريادة قيادة وتوجيه إلى خير البشرية لا بهدف السيطرة والاستحواذ ونهب مقدرات الأمم والشعوب.. وعندما نطلق غاية نهضة الأمة، فهي نهضة أممية تبدأ من نهضة الأوطان المحلية المكوِّنة لها..

وأما أهدافه فهي تمكين المجتمع في مواجهة تغول الدولة العصرية الحديثة، عن طريق نشر ودعم ثقافة المجتمع المدني، وتقوية المؤسسات الأهلية – مشاركة ودعمًا وتأسيسًا ومساندة- للقيام بدورها الفاعل على كافة المستويات مما يقلص دور الحكومات إلى أقل قدر ممكن لتنظيم وتقسيم العمل بين هذه المؤسسات الاجتماعية القوية، في إطار الدولة القطرية السائدة، فالمشروع الإصلاحي لا يهدف إلى الاستحواذ على الحكومات، ولا يعد إصلاحها- الإصلاح السياسي- هو الطريق الحتمي والوحيد للوصول إلى الإصلاح الشامل، وإنما على العكس من ذلك يهدف إلى إصلاح مؤسسات المجتمع وهيئاته وجمعياته لتقوم بدورها الأصيل في سد حاجات الشعوب وحل مشكلات المجتمع وصولاً إلى تحقيق قدر من رفاهيته ومن ثم إطلاق نهضته الكبرى على كافة المستويات..

وشعار مشروع الإصلاح “مجتمع قوي قادر على تحقيق متطلبات النهضة فضلاً عن تلبية احتياجات أفراده، بحيث تصبح الدول المركزية أكثر رمزية لوحدة المجتمع وتماسكه وسلامته وقوته”.. أو “تقوية المجتمع لا إضعاف الدولة”.. “الإصلاح لتمكين المجتمع وليس بغرض تمكين الحركة الإصلاحية”.. ودفع المجتمع للقيادة وليس التمكن من السيطرة عليه وقيادته.. الامتزاج الإصلاحي بالمجتمع والتغلغل فيه في مقابل نظرية السيادة والعلو..

مشروعية الإصلاح

الدعوة إلى الإصلاح تستمد شرعيتها من التاريخ والتجارب والواقع أيضًا، فهي آلية من آليات بناء وتطوير وبقاء وانتعاش المجتمعات والدول، فهي حتمية اجتماعية تجدها في الشرق والغرب، وفي بلاد المسلمين، وفي أوربا، كما تجدها كذلك في أقصى الشرق في اليابان أو الصين.. فالإصلاحيون والمصلحون تجدهم في كل عصر ومصر، والإصلاح في الإسلام مرتبط بأوامر الدين، فممارسته جهاد عظيم، مما يجعل الدعوة إلى الإصلاح مشروع وطني واجتماعي رائد وفي نفس الوقت عبادة وجهاد وطاعة لله عز وجل.. فالدعوة للإصلاح في الإسلام ترتبط بالحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة بالمصطلح الفقهي، كما ترتبط بدائرة التجديد كما بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم..

الحث على الإصلاح في القرآن الكريم

قال تعالى “وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”هود88

“وقالَ مُوسى لأِخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأَصْلِحْ ولا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ”

والإصلاح والتبيين شرط من شروط التوبة: “إلا الَّذِينَ تابُوا وأَصْلَحُوا وبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير من أخص خصائص العمل الإصلاحي وفي هذا قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ آل عمران:104

﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾ آل عمران:110

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ التوبة:71

 ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ*كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ المائدة:79،78

الحث على التجديد والأمر بالمعروف في السنة النبوية

حديث تجديد أمر الدين عن أبي هريرة:”إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها”.. أما الأحاديث الواردة في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة، نكتفي منها بـ:

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»

وحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم »(15).

الحث على الإصلاح والأمر بالمعروف في أقوال أهل العلم

“الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الجهاد الدائم المفروض على كل مسلم، وهو أصل مهم من أصول الدين, ولا قيام لشريعة الإسلام إلا به وهو “القطب الأعظم في الدين، وهو المهمة التي ابتعث الله لها النبيين أجمعين، ولو طُوي بساطه وأُهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد [18]”

 مارتن لوثر وحركته الإصلاحية بأوربا

لقد كانت حركة الإصلاح اللوثرية في القرن السادس عشر الميلادي في ألمانيا محاولة ملائمة أو تكيف Adaption  مع التحولات التي سادت الفكر والثقافة والعلوم، ولم تمس جوهر النصرانية، وبرأي الأستاذ الطعان”أن حركة الإصلاح الديني بمضمونها تعبر عن التوفيقية بين متطلبات عصر النهضة ومتطلبات العالم القديم”[19]

إن دعوة مارتن لوثر وحركته الإصلاحية والتي استحق بسببها لقب المصلح في التاريخ الأوربيreformer  وهي تسمية يستحقها فعلاً[20] تؤكد على الطبيعة الخاصة لمشاريع الإصلاح في كل زمان ومكان.. فالإصلاح أولا فكر إبداعي يدعو إلى التطوير والتجديد والتغيير وحذف الرديء وإضافة الجيد.. والإصلاح ثانيا لا يتوقف عند حد التنظير، فدعوة الإصلاح ليست عملا أكاديميا يقدمه باحث كدراسة أو بحث أو كتاب إلى المكتبات الأكاديمية ثم لا ينبني عليه عمل.. وإنما لا بد أن تتحول دعوات الإصلاح إلى حركة فاعلة في المجتمع تحقق بشكل عملي أغلب ما تم التنظير إليه.. وهذا يتطلب ثالثا أن تكون نظريات الإصلاح وأفكاره عملية واقعية قابلة للتطبيق في حياة الناس.. والملمح الرابع أن المصلحين يدفعون أثمانًا باهظة، فالدعوة إلى الإصلاح تضحية وجهاد تقوم على الغُرم المادي والمعنوي، وليس طريق الإصلاح طريقًا مفروشًا بالورود، ولا تحقق دعوات الإصلاح لمطلقيها المجد الذاتي أو رفاهية العيش ولذا يجب أن يكون المصلح مخلصًا لدعوته مضحيًا في سبيلها متحملاً لكل أذى يصيبه حتى تثمر دعوته..

ثقافة العمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني
“ثقافة الإصلاح وآلياته”

يمثل التطوع أحد الأركان الرئيسية لبناء المجتمع المدني، باعتباره تنظيمات وسيطة تقع ما بين الدولة والأسرة، لا تستهدف الربح وتسعى إلى تحقيق الصالح العام، وتعكس جهودًا إرادية تطوعية.. وحسب مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في حلقة بحثية سبقت العام العالمي للتطوع 2001م، حول مفهوم التطوع باعتباره “تخصيص وقت وجهد، بشكل إرادي حر، ودون الحصول على أرباح مادية، لمساعدة الآخرين والإسهام في تحقيق النفع العام/الصالح العام”، ولعل قيمة هذا التعريف ترجع في أحد أبعادها إلى توسيع معنى التطوع ليضم أشكالاً متعددة من التطوع لا تقتصر فقط على أشكال التطوع النظامي داخل منظمات لها إطار مؤسسي وقانوني وإنما تشمل أيضًا أشكال التطوع غير النظامية والتي تتم بشكل تلقائي، وفي إطار لا ينظمه القانون في بعض المجتمعات المحلية.. فالتطوع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإطار الثقافي والاجتماعي القائم فيه وبمدى ترسخ “ثقافة التطوع” فيه والتي تعني “مجموعة من القيم والاتجاهات والممارسات، التي تحث على التطوع وتدعمه وتعلي من قيمة السلوك التطوعي”. وثقافة التطوع بهذا المعنى تعد محصلة لعملية تنشئة اجتماعية طويلة تتم عبر وسائط التنشئة المختلفة (الأسرة، المؤسسة التعليمية، وسائل الإعلام، الأحزاب السياسية، الجماعات المهنية، النوادي الاجتماعية والرياضية).. وقد شاع مصطلح (منظمات المجتمع المدني) في تسعينات القرن العشرين كي تكون سلطة خامسة خارج الحكم في الدول الحديثة، وهي عبارة عن شبكات غير حكوميـة تتشكل من أفراد المجتمع المدني لتحقيق أهـداف تُرسم مسبقًا لتنمية المجتمع ورفع مستوى معيشة الشعب، وكذلك تعمل على رفع الحيف الذي يطال بعض الشرائح والفئات من المجتمع وضمان حقوق الإنسان، ومن أهم الأدوات لتحقيق ذلك ما يعرف بالتشبيك. وبالرغم من حداثة فكرة التشبيك على منظمات المجتمع المدني وانتشارها ببطء، إلا أنها تمثل نقطة ضوء في تمكين المنظمات الأهلية غير الحكومية من تأدية دورها في تفعيل المشاركة الشعبية في صنع القرارات التنموية كما تمثل فرصة لبناء القدرات المؤسسية لتلك الجمعيات والمنظمات وتمكينها من فنون إدارة العمل المدني كما أنه يوفر مناخ التنسيق بين جهود الدعوة وزيادة وعي المجتمع ومشاركته في حل مختلف القضايا العامة والتنموية.[21]

وتُعرف منظمات المجتمع المدني بأنها تلك المنظمات التي تعمل في المجال الجمعي بين الدولة ومنشآت القطاع الخاص والتي تهدف إلى تعظيم رأس المال الاجتماعي، بجانب الدفاع عن مصالح أعضائها والمصالح القومية وتقوم بعمل طوعي دون مقابل، كما أنها تختلف عن الأحزاب في أنها لا تسعى إلى السلطة[22].
وتتكامل منظمات المجتمع المدني مع منظمات العمل الطوعي في تقديم خدمات اجتماعية وعلمية وتثقيفية، وفي كل المجالات التي يتقاصر فيها دور الدولة، لذلك يأتي دورها تصحيحي تكميلي في عملية التنمية والتغيير الاجتماعي..[23]  وحول تأثير منظمة المجتمع المدني على المجتمع الوطني وعلى مفهوم المواطنة.أورد د. أنطوان مسرة أنه حسب رأي المفكر سرغاي كوفاليف “المجتمع المدني هو المجتمع الذي لا ينسب للدولة بل الدولة هي التي تنسب للمجتمع” .

من خلال هذه المفاهيم فإن منظمات المجتمع المدني تستطيع عند انتظامها تحت مفاهيم وقيم مدنية وأخلاقية دعم الإنسان بالانتقال من الحالة الفردية إلى حالة المواطنة وتنمية هذا الإنسان من فرد إلى مواطن يتمتع بكافة الحقوق المتوجبة له ولكن أيضا بكافة الواجبات التي تفرضها مواطنيته.. إن حالة المواطنة هذه ترتقي بالمجتمع الوطني إلى مجتمع العدالة والمساواة والتنوع والتعدد والديمقراطية.. وكلما انخرط المواطن في منظمات المجتمع المدني, كلما استطاع أن يساهم في تحسين وتقدم ونمو مجتمعه الوطني.[24]

 خصائص المشروع الإصلاحي النهضوي وملامحه

1 – إصلاحيون لا إسلاميون

2 – جزء لا يتجزأ من المجتمع                        3-وطني الانتماء إنساني التوجه

4 – إعلاء قيم إنسانية عامة                           5 – مدني الرؤية والمؤسسات والآليات

6 -يعتمد العلنية الكاملة                               7 – يعلي من قيمة التخصص

8 – التسكين القانوني                                   9 – نهضوي شامل وليس سياسي

10 – تكاملي لا تنافسي                                11 – إعادة الاعتبار لمؤسسة الفتوى الفقهية

12 – تغلغل اجتماعي لا سيادة وعلو (اجتماعي لا سلطوي)

13 – احتوائي لا تخاصمي (وطني شامل غير استقطابي)

14 – محضن لكل القوى الفاعلة في المجتمع

1 – إصلاحيون لا إسلاميون

الإصلاح مصطلح شرعي ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتراث الإسلامي، بينما مصطلح الإسلاميون لم يرد في التراث الإسلامي كله سوى مرة واحدة كعنوان لكتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للإمام أبي الحسن الأشعري، الكتاب يتناول فرق مختفلة تنتسب إلى الإسلام عقيدة وتختلف في الأقوال[25]، والكتاب بهذا المفهوم لم يعلِ من شأن الإسلاميين، لم يمنحهم ميزة إضافية فوق كونهم مسلمين!

فتجديد الفهم للإسلام لا يعدو تأكيد ما هو قائم بالفعل قرآناً وسنة.. والجميع مدعوا بصدق وإخلاص إلى شراكة كاملة لا تقصي أحداً ولا تتميز على أحد.. فكل من يحمل قيم الإصلاح إصلاحي بلا تمييز..

2 –جزء لا يتجزأ من المجتمع  

عطفًا على الخاصية السابقة، فإن المشروع الإصلاحي والقائمين عليه جزأ لا يتجزأ من المجتمع لا يتميز عنه، لا ينفصل، ولا ينعزل، ولا يتقوقع، فالمجتمع المحيط مسلم في مجموعه، والإصلاحيون محتسبون متطوعون لا يرجون في الدنيا جزاءً ولا شكورًا، ولا يرجون لأنفسهم تميزًا إلا تميز العمل والبذل والجهد والعطاء.. فأمتنا المسلمة بمجموعها هي جماعة المسلمين وهي أمة المسلمين.. ولا مجال مطلقَا لإنزال مواقف من سيرة النبي صلى الله عليه والاستناد إلى مواقف مارسها النبي أو أصحابه الكرام –رضي الله عنهم أجمعين- مع قوم مشركين أمثال (أبو جهل وأمية بن خلف وأبو لهب وبن أبي معيط، وغيرهم)، من سرِّية بعض المواقف والاجتماعات، أو من خدع تفرضها الحرب وتقبلها السياسة مع الخصوم والأعداء، لاستدعائها في ممارستها مع أبناء الأمة باعتبارهم خصوماً ومنافسين.. وهذا لعمري في القياس عجيب.. فالصف المسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفر عن أمة مسلمة ممتدة شرقًا وغربًا تاريخًا وحضارة، وأن هذه الأمة الواحدة عرَّفها القرآن الكريم “إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون}[سورة الأنبياء:92،  وهذه الأمة الواحدة تتعدد بها مستويات الصلاح والخيرية دون أن يكون هذا الاختلاف مسوغًا لاعتبار أبنائها أو جزءاً منهم خصومًا وأعداء.. وأخوَّتنا التي أمر بها الإسلام “إنما المؤمنون أخوة” ممتدة لتشمل كل أبناء الأمة، ودعوة المصلح إلى إصلاحه دعوة حب وحرص وأخوة، وليست دعوة رياسة وزعامة وتفاضل وتفاخر.. ودعاة الإصلاح وإن استلهموا نظرياتهم من شرق أو غرب ما لم ينفوا عن أنفسهم إيمانهم بدينهم ويقينهم بشموله وصلاحه، فإنهم روافد إصلاحية لنفس هذا المشروع.. لقد فعل الصحابة رضوان الله عليهم الشيء ونقيضه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غير الثوابت القطعية، وأقرهم النبي على اختلافهم.. حتى علق الفقهاء بأن هؤلاء أئمة أهل النص الظاهر، وأولئك أئمة أهل المقاصد “صلاة العصر في بني قريظة”.. وهب أن فريقاً من دعاة الإصلاح استلهم التجربة اليابانية في التصنيع أو التعليم، واستلهم فريق آخر التجربة الماليزية، أو الألمانية أو الأمريكية، فأي هذه الفرق ينتسب إلى الإسلام ومشروعه الإصلاحي؟! كلهم ينتسبون على ما بينهم من تناقض في النظرية، إلى الإسلام وإلى الأمة وإلى المجتمع المسلم، وإلى المشروع الإصلاحي.. ولذلك مشروعنا جزء لا يتجزأ من المجتمع لا يقصي أبناءه ولا يتميز عليهم ولا ينفصل عنهم، ولا ينعزل أو يتقوقع أو يسود عليهم، وإنما المصلح رجل من قومه ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الشعراء/ 109

3 – وطني الانتماء إنساني التوجه

فالوطنية المحلية هي طريق تحقيق الأممية”الإقليمية” ثم العالمية.. وهذا مفهوم في الإسلام منذ أمر الله تعالى نبيه بترتيب أولويات الدعوة وخص أهله وعشيرته بالبداية والاستهداف بالدعوة:”وأنذر عشيرتك الأقربين”الشعراء214، وعالمية الإسلام التي عبر عنها المولى تعالى بقوله:”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”الأنبياء107، لم تنافِ يومًا الانتماءات البيئية المحلية للمسلمين، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو المأمور الأول على وجه الأرض بفهم وتطبيق شعائر الإسلام وتعاليمه وتطبيق شعار الأخوة الإسلامية الجامعة تطبيقًا تذوب فيه كل هوية بيئية محلية، ينادي المسلمين حتى آخر عهده: بمعشر المهاجرين ومعشر الأنصار.. واجتمع بالأنصار – بمفردهم-في أعقاب غزوة حنين في قضية توزيع الغنائم المعروفة ثم دعا لهم في نهاية الاجتماع بخصوصية “اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار”[26]، كان هذا في أواخر العام الثامن الهجري.. وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ينادي في حجيج بيت الله الحرام بعد انقضاء فريضتهم”يا أهل اليمن يمنكم، يا أهل الشام شامكم، يا أهل العراق عراقكم”[27].. إن قضية الشعور الوطني العاطفي قضية مركوزة في الفطرة الإنسانية، لقد خير النبي صلى الله عليه وسلم الشيماء “أخته من الرضاعة ابنة حليمة السعدية” والتي أسلمت بعد حصار الطائف بين أن تنضم إليه أو تعود إلى باديتها، فاختارت “بعد الإسلام وإعلان الشوق لأخيها النبي” العودة إلى باديتها[28]!! ولقد أشرنا من قبل إلى تقدير الإسلام واحترامه للخصوصية الثقافية للشعوب، فنزل القرآن الكريم على سبعة أحرف، راعت لهجات العرب المختلفة، ولم يُصدِّر الصحابة رضوان الله عليهم في فتوحاتهم ثقافتهم البيئية إلى الشعوب التي فتحوها بالإسلام، وإنما دعوا إلى قيم الإسلام العامة وثوابته الراسخة، ثم تركوا الشعوب تنعم بخصوصياتها التي لا تتناقض مع مبادئ الدين، فاختارت أغلب الشعوب المسلمة أن تدخل الإسلام دون أن تغير لغتها الأصلية رمز هويتها البيئية والثقافية والحضارية، فكان احترام تنوع واختلاف البيئات سببًا من أسباب الانتشار العظيم للإسلام في مناطق شاسعة من العالم.. فتوطين المشروع الإصلاحي ومحليته، هو نشأته وتشكيله من خلال بيئته ليجيب على أسئلة أبناء المجتمع ويلبي احتياجاتهم ويساهم في حل إشكالياتهم، فحتى على مستوى القطر الواحد تختلف مشكلات المجتمع الحضري عن المجتمع الريفي وكذلك عن المجتمع البدوي، فلكلٍ مشكلاته الناتجة من طبيعة نشاطه السكاني وظروفه البيئية والجغرافية والمناخية.. حتى أن توطين المذهب الفقهي بما يناسب تباين البيئات والشعوب أمر بديهي عمل به الإمام الشافعي فكان له مذهبًا في مصر يختلف عن مذهبه في العراق.. والإصلاح يدعو إلى احترام أعراف الناس الثقافية ما لم تتعارض مع ثوابت الدين وتوجهاته وأوامره ونواهيه المحكمة.. وتوطين المشروع الإصلاحي لا يخل بشروط وحدة الأمة ولا يتعارض معها.. فمشروع الإصلاح إنساني التوجه يحترم حقوق الإنسان ويعلي من قيمته ويعمل على المشترك الإنساني العام في رحابة وسعة، انطلاقًا من البيئة المحلية مرورا بالدولة القطرية فالأمة الإقليمية والدينية إلى العالمية الإنسانية..

4 -إعلاء قيم إنسانية عامة

هذا المشروع الإصلاحي لا يترك قيمة إنسانية رفيعة، ولا فضيلة من الفضائل، ولا مثلاً من المثل العليا، ولا خلقًا حسنًا من مكارم الأخلاق إلا تبناه ودعا إليه وحث عليه.. ولا يوجد خلق سيء أو قيمة سلبية إلا قومها وواجهها وحذر منها، “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.. “حلف في الجاهلية لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت”..

5 -مدني الرؤية والمؤسسات والآليات

مشروع مدني مدنية كاملة لأنه غير متصور أن يكون عسكريًا ولا يمكن أن يدعوا إلى إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية بحال.. وهو كذلك لا يمكن أن يكون ثيوقراطيًا “دينيًا بالمعنى الكنسي”، ولا شبه ثيوقراطي.. فأهل السنة والجماعة لا يعتمدون مبدأ ولاية الفقيه المعتمد لدى الشيعة الإثنى عشرية، ولذا فمؤسسات مشروع الإصلاح مدنية بامتياز، حتى المؤسسات والهيئات الشرعية منها، لأنها تعتمد آليات ووسائل ومواصفات المؤسسات المدنية، من انتخاب الأكفأ، ومحاسبة القيادة ومجالس الإدارات وشفافية ووضوح الأهداف والمناهج والبرامج والوسائل، وكذلك وضوح وشفافية القرارات.. مع تفعيل ضوابط وسمات العمل المؤسسي بمنهجيته المعروفة، فالاختلاف بين المؤسسة وبين الطريقة “الصوفية”، أو الجماعة “دينية كانت أم اجتماعية”.. الهيكلية أي (القانون الأساسي واللوائح الدقيقة المنظمة للعمل على أن تكون واضحة وعلنية وشفافة يطلع عليها جميع الأعضاء بغير حجب أو منع أو ضبابية- ضوابط وحقوق وواجبات العضوية- وظائف مجالس الإدارات- عقد الجمعيات العمومية العادية والطارئة وغير العادية- تشكيل مجالس الإدارات بالانتخاب من قبل الجمعية العمومية- رقابة ومحاسبة المجالس المنتخبة على تنفيذ البرامج ومدى تحقيق الأهداف وعلى التمويل وأوجه الإنفاق- ضوابط عزل وتغيير الإدارة، أو رئيسها أو بعض أعضائها إن اقتضت الضرورة- وكذلك ضوابط الحرمان من العضوية أو تجميدها أو الفصل من المؤسسة.. معايير التصعيد والترقي في العمل الإداري والمناصب التنفيذية المختلفة داخل المؤسسة- اعتماد مبادئ الكفاءة كمعيار أساسي في الترقي بعيدا عن الشللية والعلاقات الشخصية.. إلى آخر الهيكلية المعتمدة في العمل المؤسسي الكامل)، لضبط الأداء ومنع الانحراف ومواجهة أي نوع من أنواع الفساد الإداري أو المالي أو التطبيقي للمناهج والبرامج.. والتجانس في التخصص، ووضوح الرؤية لدى الأعضاء، والاستفادة من كافة الطاقات وتوظيف الكفاءات.. ثم المراقبة والمحاسبة الدائمة التي تضمن معايير التطوير والجودة.. والانضمام إلى المؤسسة تعاقد مشروط وواضح بين المؤسسة والعضو.

6 – يعتمد العلنية الكاملة

المشروع الإصلاحي علني بالكامل لا مجال فيه للسرية مطلقًا.. فهو علني الغاية وعلني الأهداف وعلني المناهج وعلني الوسائل وعلني المؤسسات وعلني الأفراد والمنشغلين به..

7 – يعلي من قيمة التخصص

الإيمان بشمول مشروع الإصلاح، واتساع مطالبه لكافة جوانب الحياة، لا يعني حتمية شمول دعاته والقائمين عليه والعاملين تحت لوائه والمؤسسات الرافعة لأهدافه ومبادئه.. بل على العكس من ذلك  يدعو إلى احترام التخصص الدقيق الذي يحقق أعلى مراتب الجودة والتطوير والكفاءة في الأداء.. مما يحتم الدعوة إلى إنشاء مؤسسات مجتمع مدني متخصصة في مختلف مجالات العمل الإصلاحي العام بحيث توظف أعلى الكفاءات التخصصية أكاديميًا وتطبيقيًا، وتعنى بتوظيف ودمج ورعاية المواهب المتميزة كل في تخصصه ومجاله، على أن تعمل هذه المؤسسات بشكل مستقل ومتواز في نفس الوقت مع غيرها لتحقيق التكامل نحو هدف نهضوي واحد واضح وكبير..

8 –    التسكين القانوني

فلا يضع المصلحون أنفسهم، ولا يضعون الدعوات الإصلاحية ولا مؤسسات المجتمع المدني القائمة على المنهج الإصلاحي تحت طائلة القانون، وذلك بالتحري الدقيق لكل الإجراءات والوسائل التي تجعل عمل المؤسسات والدعوات والأفراد عملا ينسجم مع القوانين المحلية المعمول بها داخل الوطن.. والإصرار على التسكين القانوني وإعطاء الأولوية الكبرى لهذا الملف الأخطر والأهم واعتماد مبدأ الجهاد القانوني.. إن الدعوات الإصلاحية التي تكافح كفاحًا مريرًا للتواجد وممارسة عملها على الأرض والانتشار في المجتمع والتغلغل إلى الإعلام، تستطيع إذا وضعت على رأس أولوياتها الحصول على وضع قانوني مع الإصرار والدأب، أن تحقق تسكين قانوني مقبول.. أو تتحرك في المساحات التي لا تضعها تحت طائلة القانون، والتشبث بالتسكين القانوني الكامل..

 9 – نهضوي شامل وليس سياسي

هذه الخاصية أهم خصائص المشروع الإصلاحي النهضوي، وهي عنوان المشروع والدليل عليه، وهدف المشروع الأساسي “النهضة لا السلطة، تمكين الأمة وتقوية المجتمع في مواجهة تغول السلطة”.. وتحقيق نهضة الأمة في كافة المجالات.. مع الاصرار على عدم الاستدراج إلى منافسة أو خصومة سياسية أو فكرية ولا يهدف بحال إلى الوصول إلى السلطة.. مع الترويج لقيم العدل والعدالة وتوسيع قاعدة الشورى والمشاركة المجتمعية في صنع القرار السياسي، ومحاربة الظلم والاستبداد والدعوة إلى الحرية وغير ذلك من القيم السياسية المطلقة.. وحسب الإصلاح أن يكون مشروعا رحبًا واسعًا يجمع ولا يفرق، يتألف المتخاصمين ولا يخاصمهم، يستشار رجاله فيشيرون، ويضعون الخطط ويرسمون البرامج ويحتضنون الجميع ويصلحون بينهم..

10- تكاملي لا تنافسي

عطفًا على الخاصية السابقة مشروع الإصلاح تكاملي لا يخاصم مشاريعًا قائمة، ولا يسعى إلى هدم ما هو كائن ليبني فوق أنقاضها، أو يرث تركتها.. فالعمل الإصلاحي في ميزان مشروعنا تراكمي، يكمل بعضه بعضًا، ويقوي بعضه بعضًا، فإذا كانت رؤية نبينا صلى الله عليه وسلم لدين الإسلام العظيم كدين خاتم، باعتباره لبنة سدت ثغرة في بناء متكامل عظيم رباني التوجيه رسالي الوظيفة “بناء الأنبياء”، فمشرع الإصلاح هو موضع لبنة في التراكم الحضاري للأمة. الذات..

11- إعادة الاعتبار لمؤسسة الفتوى الفقهية

ثبت عبر تاريخ المسلمين ظاهرة تسييس الفتوى في فترات طويلة أو ما يعرف بظاهرة “علماء السلطان أو شيوخ السلطة”.. بحيث أصبح للحاكم سمى نفسه خليفة أو أميرًا أو سلطانًا، فقهاء ومفتين يفتون بما يوافق رأيه أو هواه، ويزينون له عمله، ويبررون قراراته.. وفي المقابل أصبحت حركات المعارضة في حاجة ماسة إلى فقهاء يؤصلون لهم ثورتهم وخروجهم.. ويظل العلماء والفقهاء المستقلون هم الذين يحفظ الله تعالى بهم الأمة من الضلال في الحق والزيغ في الدين.. وواجب الإصلاحيين توقير واحترام مؤسسات الفتوى الشرعية، ومعاونة العلماء والفقهاء على الاحتفاظ باستقلالهم الذي يفرضه عليهم الشرع والعلم بعيدًا عن التسييس والأدلجة، والتوظيف من قبل الفرقاء سياسيًا وفكريًا.. فنحن في أمس الحاجة إلى أن نعيد لمؤسسات الفتوى الشرعية اعتبارها واحترامها.. وألا تستخدم في مناصرة طرف على حساب طرف.. فالاختلاف في الفروع والجزئيات والتفاصيل لا يمكن أن يوظف إلا لصالح الأمة يضيف إلى تنوعها تنوعًا، هذا الاختلاف الراقي الذي وصفه بن تيمية: “باختلاف تنوع لا اختلاف تضاد”.. ولذلك فعلى المشروع الإصلاحي أن يدعم العلماء دعمًا معنويًا وأن يطلق دعوته كذلك داخل المعاهد العلمية التي تؤهل العلماء ليستمر تتابع أجيال من العلماء المستقلين الذين لا يميلون مع المتخاصمين ولا يأخذهم الاستقطاب السياسي والفكري في تياره الجارف.. وأن يحاول المشروع رسم الصورة الذهنية الصحيحة لعالم الدين الجليل الذي لا يخشى إلا مولاه عز وجل.. وأن يذعن المصلحون والإصلاحيون أنفسهم للعلماء، ليقتدي بهم العامة في الإذعان لأهل الذكر..

12 -تغلغل اجتماعي لا سيادة وعلو (اجتماعي لا سلطوي)

الإصلاحيون يمتزجون بالمجتمع كما يمتزج الحليب بالماء.. ويتغلغلون فيه ويرتبطون بكل جزيء من جزيئاته.. والسطحيون أو المتعجلون أو الدخلاء لا يتغلغلون في المجتمع حتى ولو طفوا فوقه.. فإنهم في النهاية يسهل إزالتهم عبر ظاهرة التوتر الاجتماعي مع اختلاف الكثافة الإنسانية بالمنظور الاجتماعي البحت.. الإصلاح يتغلغل في المجتمع ليعلو به لا ليعلو فوقه، ويسود بالمجتمع لا ليسوده.. ويمكِّن له لا ليتمكَّن منه، ويساعده على أن يتشارك في الحكم واتخاذ القرار لا ليحكمه ولا يتخذ القرارات نيابة عنه..

13 – احتوائي لا تخاصمي (وطني شامل غير استقطابي)

14 – محضن لكل القوى الفاعلة في المجتمع

تم شرح هذين الملمحين باستفاضة خلال الملامح السابقة للمشروع.. وتم وضعهما في نقاط منفصلة في ختام الملامح للتأكيد وترسيخ المعنى، فالإصلاح يجمع ولا يفرق، لا يستقطب ولا يساعد على الاستقطاب.. وهو الأخ والساعد لكل القوى والمؤسسات والدعوات الإصلاحية الفاعلة في المجتمع، يتقوى بهم ويتكامل مع جهدهم، ويضيف إليهم، ويخدم على مشروعهم الإصلاحي في اتساق وتعاون على الخير والتقوى..


[1] – حسب القاموس الفرنسي الشهير(لو روبير)

[2] – مفهوم الإصلاح أو إصلاح لفهم المصطلح د. محمد بريش خبير في الدراسات المستقبلية والإستراتيجية- بحث منشور في حولية أمتي في العالم الصادرة عن مركز الحضارة للدراسات الإسلامية بالقاهرة عام 2007م المخصصة لمناقشة قضية الإصلاح في العالم الإسلامي

[3] – د. محمد بريش المصدر السابق باختصار.

[4] – يحيى حقي سيرة ذاتية ص42 الأعمال الإبداعية “قنديل أم هاشم” الصادرة عن مهرجان القراءة للجميع97- باختصار بسيط ودون تصرف

[5] – مكرم عبيد باشا ( 25 أكتوبر 1889 –  5 يونيو 1961) هو وزير مالية مصر الأسبق وأحد مفكري مصر في حقبة الخمسينات

[6] – مقطع فيديو لكلمة في إحدى الندوات تناولت الإنسان والحضارة والإنسان والدين منشورة بتاريخ 20-9-2014 على بوابات الصحف العربية “الفجر- مصر عربية”

[7] – “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”..

[8] – “الحكمة ضالة المؤمن”

[9] – “نزول القرآن على سبعة أحرف مثالاً”

[10] – “من اجتهد فأخطأ فله أجر ومن أصاب فله أجران”

[11] – “لا تغلوا في دينكم غير الحق”

[12] – “أنتم أعلم بأمور دنياكم”

[13] – راجع الحديث حلف الفضول، وبنود صحيفة المدينة مع يهود بني عوف.. ونص عهد الصلح بين النبي ونصارى نجران

[14] – قال الشاطبي مبينا هذه الضروريات ووجه الاستدلال عليها: فَقَدَ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ ـ بَلْ سَائِرُ الْمِلَلِ ـ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْمَالُ، وَالْعَقْلُ ـ وَعِلْمُهَا عِنْدَ الْأُمَّةِ كَالضَّرُورِيِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا شَهِدَ لَنَا أَصْلٌ مُعَيَّنٌ يَمْتَازُ بِرُجُوعِهَا إِلَيْهِ، بَلْ عُلمت مُلَاءَمَتُهَا لِلشَّرِيعَةِ بِمَجْمُوعِ أَدِلَّةٍ لَا تَنْحَصِرُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ، وَلَوِ اسْتَنَدَتْ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَوَجَبَ عَادَةً تَعْيِينُهُ.

[15] – الإشارة إلى قوله تعالى:”إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون”الانبياء92.. وقوله تعالى”إنما المؤمنون أخوة” الأحقاف10

[16]  – (حديث مرفوع) قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لأبي طلحة : أرى أن تجعلها في الأقربين ، رواه البخاري من حديث مالك عن إسحاق بن عبد اللَّه عن أنس، وفي التنزيل قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ سورة البقرة آية 215، وكُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ” سورة البقرة آية 180 .

[17] – والأصل في إخراج زكاة الفطر هو مكان إقامة المزكي، بخلاف زكاة المال التي يكون الأصل فيها مكان مال المزكي وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة. (فتوى الدكتور رجب مليح موقع اون اسلام بتاريخ 19-10-2009

[18] – إحياء علوم الدين,2/ 143. إحياء علوم الدين,2/ 143.

[19]  – د. عبد الرضا الطعان: تاريخ الفكر السياسي الحديث، ص229ـ231

[20] – د. ضرغام الدباغ مارتن لوثر ودعوه الاصلاحية رابطة ادباء الشام 19-5- 2012

[21] – منظمات المجتمع المدني النشأة الآليات وأدوات العمل وتحقيق الأهداف أ‌. محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي مستشار التدريب وبناء القدرات

[22] – عبد الرحيم أحمد بلال – القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان- دار عزة للنشر والتوزيع – ص 38.

[23] – د . هاجر ابوالقاسم محمد الهادى – ورشة منظمات المجتمع المدني ورقة بعنوان :مفهوم منظمات المجتمع المدني ودورها في السودان

[24] – دليل حول تأثير و دور منظمات المجتمع المدني في محيطها المحلي والوطني”جمعية ” الهيئات الاهلية للعمل المدني لبنان “

[25] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%8A%D9%86_%D9%88%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D9%8A%D9%86_(%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8)

[26] – سنن بن ماجة- كتاب المقدمة- فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- باب فضل الأنصار

[27] – كتاب غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر- الفن الثالث وهو فن الجمع والفرق- القول في أحكام الحرم

[28] – وردت قصة تشفع الشيماء في سبي هوازن في الجعرانة في كتاب زاد المعاد في خير هدي العباد الجزء الثالث فصل غزوة حنين، وفي كتاب السيرة الحلبية في سيرة المأمون إنسان العيون المجلد الثالث ص94- أما مسالة إسلامها فمحل بحث- دراسة ايهاب عطا ببوابة الاهرام العربي بتاريخ 11-11-2013

 

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى