أدبشعر

بين يدي باب اليمن

بِـالـبَـابِ يـــا بَــابُ غُـصـنٌ بِـالـدَّمِ امـتَـلأَ

رَبـيـعُـهُ قِــيـلَ ولَّـــى , و هـــوَ مــا بَــدَأَ

بـالـبَـابِ يـــا بـــابُ قَــحْـطٌ فــاغِـرٌ فَــمَـهُ

نَـحـوَ الـسَّـماءِ , و هـا قَـد أَمـطَرَت ظَـمَأَ

بـالـبَـابِ يـــا بَـــابُ طِــفـلٌ نَـبـضُـهُ نَـغَـمٌ

لــكــنَّـهُ شَـــــابَ بــالأَعــتـابِ و اْنــكَـفَـأَ


يــا بــابُ خَـلـفَكَ لِــيْ حُـلْـمٌ خُـلِقتُ لَـهُ

و لـــي أمــامَـكَ حُـــزنٌ جَـــلَّ مَــن بَــرَأَ

سُـبـحانَ مَــن أَلـهَـمَ الأحــزانَ فـاتَّخَذَت

مــــا بَــيــنَ جَــنْـبَـيَّ سِـكِّـيـناً و مُـتَّـكَـأَ

و شَــكَّــلَـتـنِـي أَبـــاريــقَــاً و أخْـــيِــلَــةً

تَـحْـسُو الـفَـرَاغَ , فَـتَـندَى أَحْـرُفاً و رُؤى

قـالت و قَـد أَجـلَسَتني .. و هـيَ واقِفَةٌ

: هـذا الـذي شَقَّ صَدري خِلْسَةً و رأى

هــذا الــذي ابْـيَـضَّ قَـلـبي مِــن تَـنَهُّدِهِ

و كُــلَّـمـا قُــلــتُ داوَى جُــرحَـهُ .. نَــكَـأَ

هـذا الـذي .. ثُـمَّ تَـدنُو و هـيَ تُطعِمُني

في حُجْرَةِ الغَيبِ ( مَوفُوراً ) و ( مُجتَزَأَ )

هـــذي قَـوافِـيكَ .. فـاسـتَعذِب مَـرارَتَـها

و عَــانِـقِ الــحُـزنَ و اطْـــرَأْ كُـلَّـمَـا طَـــرَأَ

هـــذي قَـوافِـيـكَ فَــاقـرَأ مَــا تَـيَـسَّرَ يــا

مَــن يَـشْرَقُ الـدَّمعُ فـي عَـينَيَّ إنْ قَـرَأَ


و رُحـــتُ أتــلُـو كِـتـابـاً فُـصِّـلَـت بِـدَمِـي

أَبــيـاتُـهُ , و الــقَـوافِـي تَـنـثَـنِـي هُـــزُؤا

مِن زَفرَةِ الرَّملِ , مِن حُزنِ الرَّمادِ , و مِن

خَــفْـقِ الأَخـادِيـدِ رُوحِــي تُـخـرِجُ الـخَـبَأَ

لا هُـدهُـدٌ زارَنــي يَـومـاً , و لا كَـشَـفَت

عَـن سـاقِها مَن أشاعَت في دَمِي سَبَأَ

وَحـدي تَشَكَّلتُ مِن ماءِ الحُرُوفِ , و في

رَحْـــمِ الـتَّـنـاهِيدِ حُــزنِـي خَـطَّـنِـي نَـبَـأَ

لَــــمْ أنـتَـحِـب قَـــطُّ إلاَّ لِـلـخِـيامِ و قَـــد

ألـقَـت بِـحُـلمٍ لِـشَـوقٍ لــم يـكُـنْ كُـفُـؤا

و لا تَـــلَـــفّــتُّ إلاَّ طـــالِـــبــاً وَجَــــعَــــاً

أو بــاحِـثـاً عَـــن كَـفِـيـفٍ جُــرْحَـهُ وَطَـــأَ


يــا بَــابُ يـا بَـابُ هـذا الـطِّفلُ يُـشبِهُني

قـالـت عَـجُـوزٌ , و راحَــت تُـشْـهِدُ الـمَلأَ

و أَقـسَمَتْ .. ثُـمَّ لَـمَّا شـاهَدَت وَجَـعِي

يَـسِـيلُ مِــن كُـلِّ حَـرفٍ .. أوْمَـأَتْ خَـطَأَ

و جَــاءَ شَـيـخٌ بِـعُـكَّازَينِ .. يَـسـأَلُ عَــن

طِــفـلٍ بِـعَـيـنَيهِ شَــعـبٌ حُــزنُـهُ اهـتَـرَأَ

و مَـــدَّ يُـمْـناهُ نَـحـوي كَــي يُـصـافِحَني

و حِـيـنَ أيـقَظتُ قَـلبي لـلسَّلامِ .. نَـأَى

مـــا كُـــلُّ مَـــن رَاوَدَ الأحــزانَ مُـرتَـضِعاً

مِــن نُـونِـها , كـالـذي بـالـحُزنِ قَـد نَـشَأَ

عِـندي مِـن الـحُزنِ مـا لَو أُفرِغَت بِفَمِي

كُــلُّ الـبِحارِ , و كُـلُّ الـسُّحْبِ مـا انـطَفَأَ


يـا نـافِخَ الـنَّايِ فـي صَـدري عـلى عَجَلٍ

هَــــلاَّ تَـمَـثَّـلـتَ رِيــحــاً تَـنـفُـخُ الـحَـمَـأَ

هَـــلاَّ تَـقَـاطَـرتَ فـــي رُوحــي مـلائِـكَةً

تَـجـتـاحُني , فـتُـذِيـبُ الـــرَّانَ و الــصَّـدَأَ

هَـــلاَّ تَـوقَّـفـتَ عَـــن طَــرْقِـي بـأُحْـجِيَةٍ

لا بــانَ لــي وَجـهُهَا الـنَّائي , و لا اخـتَبَأَ

مَـــرَّت عــلـى الــبـابِ أَجــيـالٌ و أزمِـنَـةٌ

و لَــــــــــم أَزَل لا أرَى إلاَّهُ مُـــلـــتَــجَــأَ

و حدي على البابِ و الشَّكوى تُلَقِّنُني :

يَـسـتَفحِلُ الـجُـرْمُ إنْ لــم يَـنـطِقِ الـبُرآ

الـغُـربَـةُ الآنَ أُمِّـــيْ , و الـضَّـيـاعُ أَبـــي

و الـحُـزنُ يــا بــابُ مَـن رَبَّـى و مَـن كَـلأَ

اظهر المزيد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى